رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طهران وأنقرة أكذوبتا الدفاع عن فلسطين ؛ فكلتاهما تتعامل مع  فلسطين وقضيتها بشكل برجماتى بحت؛ فى الظاهر وأمام الميكرفون خطب رنانة ؛ بينما القضية الفلسطينية ورقة تستخدمها أنقرة وطهران بطريقتهما، وبما يخدم سياساتهما ومشروعى الإمبراطورية الفارسية الإيرانية والخلافة العثمانية الجديدة.

 بالنسبة إلى تركيا، هذان المشروعان، بما يتضمنانه من كونهما مهدّداً للأمن القومى الخليجي، أحد أبرز دوافع الخليج لإقامة علاقات مع إسرائيل؛ وبالطبع جاءت الفرصة للبطولات الأردوغانية الوهمية؛ وتجلت انتقادات القيادة التركية وهجومها على دولتى الإمارات والبحرين الى حد جعلها تقترب من النكتة السياسية التى تقابل بالسخرية، فعلم إسرائيل يرفرف فى سماء أنقرة ؛ورغم محاولات الدفاع المستميتة التى تصدّى لها كتّاب الإسلام السياسى العربى للدفاع عن القيادة التركية بدعوى أنّ تلك الاتفاقات كانت قبل مجيء حزب العدالة إلى الحكم، إلّا أنّ الأرقام التركية الرسمية المعلنة حول حجم التبادل التجارى بين تركيا وإسرائيل ونموها، منذ تولى العدالة السلطة، والتى تقترب من 10 مليارات دولار سنوياً، إضافة إلى قوائم من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، تجعلنا نتوقف ملياً عند الموقف التركى وأسبابه، وعلى قاعدة أنه ليس موقفاً من إسرائيل، فهل أراد خليفة المسلمين أن يمرّ تطبيع العرب والمسلمين من خلاله، وبما يحوّله إلى ورقة، ضمن أوراقه التفاوضية، يفاوض بها أمريكا والغرب وإسرائيل؟.

أمّا إيران، فقد شهد موقفها من التطبيع الخليجى تبايناً بين مؤسستى المرشد «خامنئي» والحرس الثوري، ومؤسسة رئاسة الجمهورية، ففى الوقت الذى اتهم فيه خامنئى الإمارات بأنها «خانت العالم الإسلامى والفلسطينيين»، وأطلق قادة من الحرس الثورى تهديدات مباشرة للإمارات ومملكة البحرين بـ»الانتقام»، حذّر رئيس الجمهورية «روحاني» من فتح المجال لإسرائيل فى الخليج، كما ركّزت تصريحات وزير الخارجية الإيرانى على «أنّ إسرائيل ليس باستطاعتها ضمان أمن الإمارات ولا البحرين»، وأنّ التطبيع الإماراتى لن يكون له تأثير ولكنه مؤسف».

 وبالطبع مرجعيات المواقف الإيرانية، بعيداً عن مفردات قاموس التهديد والوعيد، تستند لبراجماتية إيرانية، جوهرها اتخاذ مواقف تتضمّن تحقيق هدفين: الأول خطاب ثورى للاستهلاك المحلى ولوكلاء إيران، يصدر عن المرجعيات الدينية والحرس الثوري، والثانى خطاب معتدل يندرج فى إطار التفاوض والصفقة القادمة مع أمريكا، يصدر عن رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية.

وتدرك بالطبع القيادة الإيرانية أنّ استهدافها لدول الخليج العربى أحد أبرز الأسباب التى دفعت هذه الدول للتطبيع مع إسرائيل، لذا فإنّ القاسم المشترك بين دول الخليج اليوم هو التأكيد على دعم حلّ الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وانسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة عام 67، وبما ينسجم مع مبادرة السلام العربية. كما تدرك القيادة الإيرانية أهمية الإمارات بالنسبة إليها، بوصفها أحد أبرز ساحات الدعم للاقتصاد الإيراني، ومن أهمّ البوابات لإيران، فيما لا مشكلة عملياً لإيران مع إقامة سفارة إسرائيلية فى أبو ظبي، فالعلم الإيرانى يرفرف إلى جانب العلم الإسرائيلى فى كثير من العواصم الأوروبية وفى أمريكا اللاتينية.

ويبدو أنّ ردود الفعل الإيرانية والتركية على هذا التطبيع جاءت فى ظلّ إدراك قادة المشروعين العثمانى والفارسى بأنه تمّ سحب ورقة مهمّة من المشروعين كان فيهما العرب مجرّد أرقام، فى الوقت الذى تقيم فيه أنقرة علاقات وثيقة مع إسرائيل، فيما تفاوض طهران على شروط وحدود تلك العلاقة. وربما كانت أحدث رسالة أرسلتها طهران هى توجيه الثنائى الشيعى اللبنانى «حزب الله وأمل» لإعلان الموافقة على مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، ومن المؤكد أنّ تلك الرسائل ستكون أكثر عمقاً فى ساحات أخرى، فى «سوريا، واليمن، وقطاع غزة»، بعد الانتخابات الأمريكية القادمة. وأخيرًا الدفاع عن فلسطين ورقة توت أخرى تسقط من جسد طهران وأنقرة.