رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أذا أردت أن ترى نموذجا حيا الآن لحرب المعلومات والحروب النفسية، وكيفية خلط أوراق الملفات التاريخية بالوقائع اليومية؛ فتابع عن كثب ما يحدث بين أذربيجان وأرمينيا؛ فأنا مازالت أرى أنه ليس صراعا بين دولتين عن أراض لا تتجاوز 4 آلاف كيلو متر مربع، ولكنه صراع له عدة أوجه ما بين تصفية الحسابات بين تركيا والأرمن ؛ ومواجهة بين السيطرة الاقليمية بين إيران وتركيا؛ والتناحر الدولى بين روسيا وحلفائها والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وحلفائهم من جهة أخرى.

 وهذا الصراع يؤثر بشكل ما على منطقة الشرق الأوسط؛ وللأسف أن التدخل التركى السريع، زاد الأمر اشتعالا وخاصة مع الانحياز الصريح إلى حكومة أذربيجان بحجة أنها صاحبة الحق فى الإقليم المتنازع عليه، ولكن للأسف أنقرة مازالت تصفى حسابها مع الأرمن كشعب؛ ليصبح الخلاف بين أرمينيا وأذربيجان هو الصراع السابع لتركيا تكملة لما تفعله بجنودها والميليشيات فى كل من سوريا والعراق وقبرص واليونان وقطر وليبيا. ويزداد الأمر تعقيدا مع احتفاظ دول كبرى مثل السعودية بعلاقات متينة آخذة فى التطور مع حكومة أذربيجان، ذات الموقع الاستراتيجى بحكم قربها من إيران المؤرقة بسياساتها لعرب الخليج والمنطقة؛ ما جعل منظمة التعاون الإسلامى تدعم باكو، بوصفها عضواً فى المنظمة التى تتخذ من جدة، غرب السعودية، مقراً لها؛ رافضة الاستفزازات والاعتداءات المتكررة للقوات العسكرية لجمهورية أرمينيا، وتجدد تضامنها مع جمهورية أذربيجان.

 ورغم أن حل الأزمة يكمن فى الحوار للتوصل إلى حل سياسى للنزاع بين البلدين على أساس احترام سيادة جمهورية أذربيجان وسلامة أراضيها، وحرمة حدودها المعترف بها دولياً؛ مع التهدئة من دون انحياز إلى طرف دون آخر، لأن حقيقة الصراع الذى بدأ منذ أوائل التسعينيات وحتى الآن، يستلزم الحل الدبلوماسى فى قضية المناطق المتنازع عليها، وخاصة المنطقة التى تسيطر عليها أرمينيا، ومع ذلك مازال الصراع مستمراً مدعوما بحرب المعلومات والحرب النفسية لكسب الجمهور المحلى والدولي، وفرص تستغل لتنامى العلاقة بين الرياض وباكو فى «شرق أوسط متغير»؛ وخاصة فى ظل توظيف أرمينيا خلاف العرب مع الأتراك فى الضغط على أنقرة، وتحضهم على الاعتراف بالمذابح التى تُتهم بها فى حق الأرمن.

وبالتاكيد.. إن الدور التركى فى تلك القضية لا يتعلق فقط بالعداء التاريخى بين الأرمن والأتراك، بل بالطموحات الإقليمية التوسعية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان؛ فتركيا تحاول بناء قدرات عسكرية فى منطقة القوقاز، والحشد العسكرى المستمر فى أذربيجان، المصحوب ببعض التقارير عن تجنيد مقاتلين إرهابيين أجانب من سوريا بهدف نقلهم إليها، ما يؤكد أن أنقرة لم تكن قط قوة استقرار سواء فى الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا أو شرق البحر المتوسط، وفى أماكن أخرى من حولها، ويبدو هذا واضحا بتعمدها إظهار القوة من خلال استغلال الصراعات وتأجيجها، ودعم الجماعات الإرهابية وقيادتها.

 وفى الحقيقة.. إن الانخراط التركى فى الملف وملابساته أعقد بكثير، فالأتراك كانوا ولا يزالون داعمين للأذريين؛ لأسباب جيوسياسية وتاريخية وعرقية، كون الأذريين امتدادا للترك، وتجمعهما لغة وثقافة متشابهة؛ لذلك كان الدعم على مستويات عدة، كالتعاون العسكرى والدبلوماسي، خصوصاً خلال تصاعد الصراع؛ وهذا يفسر ما قاله أردوغان فى خطابه أمام الأمم المتحدة، وإشارته لهذا الصراع المستمر لنحو ثلاثة عقود، والذى لم يتم حله حتى الآن.

وعلى أرض الواقع تركيا «دعمت أذربيجان بإرسال ميليشيات ومقاتلين سوريين، وقدرالعدد بين الألف والأربعة آلاف. وإذا كان العالم الشرق أوسطى يريد الحل السلمى؛ فإن تركيا على العكس ترغب فى التصعيد؛ لأن مكاسب تركيا من التصعيد تتخد اشكالا عدة؛ منها كسب تأييد شعبى من قبل المواطنين الأتراك لهذه القضية، وإشغال الرأى العام عن قضايا محلية مهمة كانخفاض الليرة التركية وصراع الأحزاب السياسية؛ وتكمل  مسيرتها فى تأجيج النزاع التاريخى على إقليم «قرة باغ» الذى اعترفت الأمم المتحدة بتبعيته لأذربيجان، بينما تدعى أرمينيا حقها فيه، بذريعة الدفاع عن عرقية الأرمن التى تسكنه، وتطالب باستقلاله؛ وبالتالى هى فرصة على طبق من فضة لتركيا لتصفية الحسابات مع الأرمن منذ المذابح التركية لهم والى الآن .