رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

بمناسبة مرور 50 عامًا على وفاة عبد الناصر وفى ظل الصراع الفكرى والسياسى الدائر بين مدرسة عبد الناصر القومية الاشتراكية ومدرسة السادات المصرية الرأسمالية وما تلى ذلك من فترة حكم أفرزت بثور ونتوءات فى جسد الأمة المصرية ومنها هؤلاء الخونة الإرهابيون الذين يتمسحون كذبًا وبهتانًا باسم الدين وهم يبغون السلطة المطلقة والحكم المتعصب الذى لا يعترف بالدولة ولا المواطن ولا يحترم الحريات طالما أن من يحكم لا ينطق عن الهوى البشرى وإنما ينطق بأمر الله وسلطته... ولقد نجح الشعب المصرى فى معرفة طريقه ورفض أن ينساق مرة أخرى نحو الهاوية ويقع فى براثن محور الشر والهزيمة والفوضى وضياع الوطن، وفى علوم السياسة والاجتماع والإعلام فإن أى مجتمع يزدهر حينما تكون هناك مساحات لحرية الرأى الحر البناء دون إضرار بأمن وسلامة الوطن ودون المساس بالثوابت ودون اعتداء على الحريات وعلى الممتلكات وعلى الأشخاص، وأى انتقاد أو حراك فكرى وذهنى يصب فى مصلحة الوطن والمواطن لأن الحياة لا تستقيم بالرأى الأوحد والصوت الأحادى والفكر المتمحور حول الذات... تعدد الأفكار والرؤى والآراء والاتجاهات صوب هدف واحد ألا وهو صالح الوطن والمواطن هو ما نحتاجه فى المرحلة الحالية عن طريق الفن والإبداع والإعلام والتعليم والثقافة التى تصل إلى الجميع وليس إلى نخبة تتحاور مع نفسها فى غرف ومنتديات مغلقة... فى عهد عبد الناصر كتب «ثروت أباظة» روايته الشهيرة «شيء من الخوف» التى تحولت إلى فيلم سينمائى تم عرضه بعد نكسة 67 بطولة «شادية» و «محمود مرسي» وكانت «فؤادة» ترمز إلى الفلاحين المصريين الذين يتسمون بالبراءة والصلابة وهى تفتح هاويس الحياة ليروى الأرض العطشانة متحدية زوجها وحبيبها فى آن واحد «عتريس» أو «محمود مرسي» وهى بالرغم من حبها له إلا أنها تحب أرضها وأهلها وإنسانيتها أكثر من قلبها وكانت لقطة ومشهد زواج عتريس من فؤادة باطل صرخة فى وجه أى ديكتاتور حتى لو أحبته فؤادة.. وفى عهد مبارك كتب العديد من الكتاب أعمالًا تنتقد السياسة العامة للدولة والمجتمع وتوغل أصحاب المال والزواج السرى بين السلطة ورجال الأعمال وذلك التحول الرأسمالى المتوحش الذى قضى على الطبقة الوسطى ومُثلها وقيمها وبدايات الجماعات الإرهابية وضياع الفن والثقافة والتعليم وتفكك الأسرة والمخدرات فكان «وحيد حامد» فى «العائلة» و«أسامة أنور عكاشة» فى «رحلة السيد أبو العلا البشري» الذى عرض على جزئين فى الثمانينات وفى التسعينيات من القرن الماضى و«السيد أبو العلا» أو «محمود مرسي» الذى قام بدور «عتريس» من قبل قد أصبح «دون كيشوت» العصر الحديث يحارب من أجل القيم والمبادئ والأخلاق ويريد استعادة الأسرة وإصلاح أحوال الأبناء فإذا به فى كل محاولة يصطدم بالواقع المرير سواء من السلطة أو من الأهل أو من قوى الشر. أبو العلا وجد مجتمعًا يعبد المال والجاه ويتاجر فى الأعراض والمخدرات ويسرق الأفكار والكتب ويبيع العلم فى دروس خصوصية ويبيع الوهم فى البودرة ويبيع الفن فى الاغانى الهابطة ويبيع الأعضاء فى المستشفى وفى كل محاولة لوقف هذا النزيف البشرى والأخلاقى يضرب ويهان ويدان وفى النهاية يضعونه فى مستشفى المجانين باعتباره مخبولًا... هكذا كان الفن والدراما فى عهدين مختلفين حرية فى التعبير وإبداء الرأى ومحاولة لإصلاح المجتمع وتعرية عيوبه ونواقصه وإبداع بطولات فردية يجد فيها المجتمع مثالًا وقدوة سواء «فؤادة» أو «البشري». إنه الابداع والقوى الناعمة والضمير الحى اليقظ الذى لا يموت ولا يصمت إلا فى القلوب الفارغة والنفوس الضائعة.