رؤى
طرح المحلل السياسى الإسرائيلى مئير كوهين فى أحد برامج قناة rt الروسية، سؤالا على قدر من الأهمية فى حضور أحد الكتاب السعوديين، سأل كوهين الكاتب السعودى: لماذا لم تقيموا دولة فلسطينية منذ سنة 1948، كوهين اعترف بأن إسرائيل احتلت أراضى عربية فى 1967، وقال بالحرف: نعم نحن قمنا باحتلال بعض الأراضى العربية والفلسطينية، لكن قبل عام 1967 كانت الأرض الفلسطينية تحت يدكم وسلطتكم، لماذا لم تقيموا عليها دولة فلسطينية؟، كوهين لم يكتف بذلك، بل اتهم العرب بأنهم هم الذين ضيعوا الأراضى الفلسطينية، وأنهم هم الذين منعوا إقامة الدولة الفلسطينية، لانهم كانوا يفكرون فى إلقاء إسرائيل فى البحر، قائلا: قاطعتم إسرائيل لعقود طويلة، وتركتم الأرض وتفرغتم للشجب.
كوهين لم يكتف بهذا، بل تطرق للوضع العربى والفلسطينى الحالى، وقال: ماذا فعل الفلسطينيون بالأراضى التى يعيشون عليها، لماذا لم يقيموا دولة عليها؟، لماذا حاربوا بعضهم البعض ولم يفكروا فى التوحد وبناء دولتهم، وأكد خلال حديثه أن دولة إسرائيل هى المنارة الوحيدة بالمنطقة، هى الدولة الوحيدة المتقدمة علمياً وديمقراطياً، ويجب على العرب أن يحتذوا حذوها.
أسئلة كوهين جد مشروعة وتحتاج منا وقفة للتأمل والتفكير فى سياستنا العربية تجاه القضية الفلسطينية، ولا أخفى عليكم أن حديثه أدهشتنى، خاصة اعترافه بأنهم احتلوا بالفعل أراضى عربية، لكن قبل احتلالها: لماذا لم يفكر العرب أو الفلسطينيون فى اعلان دولة فلسطينية على أراضى ما قبل1967؟
الذى يعود بالتاريخ إلى سنوات الصراع العربى الإسرائيلى، يتضح له أن العرب لم يتعاملوا بالحكمة الكافية فى القضية الفلسطينية، فى سنة 1947 عندما قامت الأمم المتحدة بإعلان قرار تقسيم الأراضى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالقرار181 لسنة 47، والذى تضمن تخصيص 4,300 ميل مربع (11,000 كـم2) نحو 42.3% من فلسطين، دولة للفلسطينيين وتشمل الجليل الغربى، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبى الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودى مع مصر.
ونحو 5,700 ميل مربع (15,000 كـم2) ما يمثل 57.7% من فلسطين كدولة لليهود، وتضم السهل الساحلى من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقى بما فى ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما فى ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً. ووضع القدس وبيت لحم والأراضى المجاورة، تحت وصاية دولية. رفض الحكام العرب القرار ودخلوا فى حرب مع اليهود عام 48، استمرت 15 شهرا، انتهت بهدنة وضعت الضفة الغربية والأماكن المقدسة تحت إشراف المملكة الأردنية الهاشمية، وقطاع غزة تحت إشراف الحكومة المصرية، اليهود قبلوا قرار الأمم المتحدة وأعلنوا دولة إسرائيل فى مايو 48 بعد انتهاء الانتداب البريطانى، منذ هذا التاريخ واليهود يقفون صفا واحدا، بنوا دولتهم وأقاموا الزراعة والصناعة وتقدموا علميا وتكنولوجيا، وأصبحوا اليوم فى مصاف البلدان المتقدمة، أما نحن فاخترنا الشعارات الجوفاء، الإسرائيليون بدأوا فى بناء المستوطنات وضم أراض فلسطينية وقاموا بتغيير الخريطة على أرض الواقع، ونحن ما زلنا نشجب وندين ونقاطع ونحارب بعضنا بعضاً.
علاء عريبى