رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

فى فيديو صادم انتشر على وسائل التواصل الاجتماعى، ظهر بائع تين شوكى وهو يحارب للاحتفاظ ببضاعته، التى لا يزيد سعرها بحال من الأحوال على مائتى جنيه، ويحاول استنقاذها من براثن مسئولة الحى الذى قاده حظه التعس للوقوف فيه والبيع فى نطاقه. فقد أصرت على إلقاء عربته بكل تينها وشوكها فى «بلدوزر» الحى، حيث كان ينتظر أن ينشب مخالبه فيه، لولا أن البائع كان يقف أمامه بظهره، حائلا بينه وبين تنفيذ فرمان إزالته وعربته معا وإلقائهما فى القمامة!

عبثا حاولت السيدة إغضابه ونهره ومضايقته ومارست ضغطًا رهيبًا عليه لتنحيه عن طريق البلدوزر، وكأنها كانت مصممة على «الإزالة» من على «وش الأرض».. كما لو أنه بناء مخالف! فلما لم تفلح فقدت أعصابها تمامًا، حتى أنها انتزعت «كوريك» الخرسانة المسلحة من أيدى أحدهم، وشرعت بكل ما أوتيت من قوة وغل فى إزالة التين وإلقائه بلا رحمة أو شفقة من فوق العربة.. وأين؟ فى الشارع!

مواطن آخر بسيط شكا تعرضه للاقتياد عنوة إلى مكتب رئيس مجلس المدينة (ذكر اسمه وموقعه والمدينة التابع لها فى فيديو وكذا أسماء الشهود والموظفين) وأوضح أنهم أغلقوا الأبواب عليه وهمَّ به رئيس مجلس المدينة مؤدبًا له ركلًا وصفعًا لأنه تجرأ ورد عليه بطريقة لا تعجبه عندما سأله «إنت قاعد على السلم ده ليه»؟ فيما كان هناك عشرات مثله موجودون فى المكان نفسه، يطلبون خدمات أخرى!

مسئولة المركز القومى للترجمة هى الأخرى دخلت فى معركة مع المثقفين، بعد أن أصدرت بيانا فهموا منه أنها ستقوم بتقليص مساحة التنوير فى مطبوعات المركز وانها ستحكم قبضتها الأمنية على إصداراته، بحجة عدم التعدى على الأخلاق وما يتعلق بالشريعة، ما دعاهم لطرح سؤال مهم جدًا: هل يعتذر المجلس القومى للترجمة عن ترجمة عشرات الآلاف من الكتب العالمية التى كانت تعد حتى السبت الماضى أيقونات ثقافية وتنويرية؟ هل يعتذر المجلس عن ترجمة وطباعة كتب مثل رأسمال كارل ماركس وكتابات سارتر وفرويد ونيتشه وراسل وكيركيجورد ودانتى وكافكا؟ هل يحرق كتب الفن التشكيلى بكل لوحاتها الأثيرة والمؤثرة عن عصر النهضة حيث التحرر من كل قيود الرسم والتعبير.. هل يشعل النار فى تراثه الأدبى على طريقة ما جرى لكتب للفيلسوف ابن رشد؟

إن من سمات المركز القومى للترجمة أنه يقدم الثقافة العالمية الرفيعة بأثمان زهيدة لاسيما أثناء إقامة معارض الكتاب، وتلقى رواجا هائلا بين القراء. وما أحوجنا فى زمن تراجعت فيه معدلات القراءة وتدنت إلى أقل المستويات، وفى مقابل ارتفاع نسبة الاستماع والمشاهدة لكل ما هو غث على وسائل التواصل،وفى مقدمتها «تيك توك» ترامب.. ذلك التطبيق الصينى الذى سحب البساط من تحت عرش بيزنس التفاهة الأمريكى.. إلى الاحتفاظ بالبقية الباقية من عشاق الثقافة والقراءة لعل وعسى!

ما بال هؤلاء المسئولين لا يتأملون ولا يفكرون قبل أن يقرروا ماذا يفعلون؟ لا نؤيد مخالفة القوانين، لكن لماذا ونحن فى خضم معركة مع الظلاميين نرسل برسائل خاطئة للمبدعين والمثقفين؟

وما الذى سيحدث إذا امتنع المسئول عن التعامل بعنف مع طالبى الخدمات فى مجلس المدينة؟ وما الذى سيحدث إذا طيبنا خواطر «بائع التين» ووجهناه إلى ضرورة احترام القوانين؟