رؤى
المؤكد ان اهتمام الحكومة بإقامة مشروعات لتحلية مياه البحر على نطاق واسع خطوة جيدة ستوفر جزءا مما تحتاجه البلاد من المياه العذبة، لكن السؤال الذى يطرح نفسه خلال الأزمة التى تمر بها البلاد مع التعنت الأثيوبى حول حصة مصر من مياه النيل، هو: هل المياه المحلاة سوف تكفى احتياجات مصر خلال الخمسين سنة القادمة؟، هل ستسد احتياجات الزيادة السكانية المتوقعة وزراعة ملايين الأفدنة واقامة المزارع السمكية وتسمين العجول وغيرها من المشروعات؟.
بالطبع مصر تمر بفترة عصيبة بسبب حصولها على حصتها من المياه كاملة، وحصة مصر لم تزد مترا واحدا منذ اتفاقية توزيع مياه النيل سنة 1929، واتفاقية تقسيم المياه مع السودان سنة 1959، خلال هذه السنوات ازداد تعداد السكان، واتسعت الرقعة السكانية والزراعية والصناعية، وارتفع بالتالى حجم الاستهلاك من المياه، حتى وصلنا اليوم إلى ما يشبه بالأزمة، حصتنا من المياه لم تعد كافية، والمطلوب أن نرشد الاستهلاك فى الشرب وفى الري.
ووسط نداءات الترشيد تعمل الحكومة على بناء العديد من المدن السكنية والصناعية، وكذلك تخطط لزيادة الرقعة الزراعية، وهو ما يثير علامة استفهام كبيرة: من أين؟.
المدن الجديدة التى شرعت فى بنائها الحكومة بالفعل بمناطق صحراوية مترامية الأطراف، هذه المدن سوف تستوعب الملايين من الأسر المصرية، وهذه الملايين تحتاج إلى مرافق وخدمات، على رأس هذه المرافق مياه الشرب، من أين؟.
التفكير فى استصلاح واستزراع مليون ونصف المليون فدان، ويقال إنها تخطط لاستصلاح 4 ملايين فدان، وهذه المساحة الكبيرة التى ستضاف للرقعة الزراعية القديمة تحتاج لمياه رى، من أين؟.
وتخطيط وبدء الحكومة فى إقامة مائة ألف صوبة زراعية فى مناطق مختلفة، هذه الصوب تحتاج مياها عذبة، من أين؟.، وتفكير الحكومة فى إقامة مزارع لتسمين العجول، ما يقرب من مليون رأس عجل، وكذلك إقامة مزارع لزيادة الثروة الداجنة، هذه المشروعات تحتاج لمياه عذبة، من أين؟.
يقال إن الحكومة سوف تعتمد على المياه الجوفية فى الزراعة وكذلك فى مزارع الثروة الداجنة، ويقال إنها ستدخل أنظمة جديدة فى الرى لترشيد استهلاك المياه، كما أنها سوف توقف أو تحد من زراعة بعض المحاصيل الشرهة للمياه، مثل الأرز وقصب السكر والموز، كما أنها ستقوم بتنظيم مياه المطر، وسوف تتوسع فى مشروعات تحلية مياه البحر.
السؤال: هل هذه الإجراءات سوف توفر المياه المطلوبة؟، ولأى فترة زمنية؟، وهل ستستوعب الزيادة السكانية المتوقعة خلال السنوات القادمة؟، وماذا سنفعل بعد ارتفاع نسبة السكان؟، لماذا لا تفكر الحكومة فى مصادر أخرى لتوفير المياه العذبة؟
استدراك: معظم دول الخليج ليست بها أنهار ولا أمطار ولا مياه جوفية، وتعيش على تحلية المياه، بدون زراعة.