رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

رؤى

تابعت مثل غيرى مشكلة بائع التين، متابعتى لها جاءت بعد إثارتها فى الإعلام وليس على مواقع التواصل الاجتماعى، وشاهدت بكل أسف ما قامت به موظفة الحى، وإصرارها على إلقاء التين على الأرض.

سلوك موظفة الحى العدوانى ليس بمفاجأة، فقد اعتدنا منذ سنوات طويلة اتباع موظفى الأحياء السلوك نفسه مع الباعة الجائلين، إلقاء البضاعة على الأرض، وإهانة البائع، ومصادرة العربة، شاهدت بنفسى عشرات الوقائع المماثلة فى مدن وأحياء مختلفة، ومثلما فعل المارة فى القاهرة الجديدة، كان المارة يتدخلون ويترجون ويتوسلون رجال المرافق بالحى: الرحمة، واحترام نعمة ربنا.

وأذكر أن نعمة ربنا التى كانت ومازالت تلقى على الأرض وتدهس بالأحذية، خضراوات أو خبز، أو فول مدمس، أو فاكهة، أو قصب، أو ذرة مشوى، أو ملابس، أو أقلام وفلايات وبطريات، أو كشرى، أو تين شوكى.. يتراوح سعرها بين خمسين ومائتى جنيه، صاحبها يستيقظ فى الفجر وينزل إلى الشارع يدفع بعربته مناديًا على بضاعته فى الحر والبرد، يجوب طوال اليوم على قدميه الشوارع بين الأحياء لكى يبيع ما يكفى وجبة طعام لأسرته، وقد يمر اليوم دون أن يبيع بجنيه واحد ويعود إلى بيته مكسورًا ومنهكًا.

للانصاف ليس موظفو الأحياء وحدهم الذين يهينون الباعة الجائلين ويلقون بنعمة ربنا على الأرض ويدهسونها بأقدامهم، بل أيضًا مفتشو التموين، وغيرهم ممن يكتشفون أنهم فجأة أصبحوا يمثلون السلطة، اعتقادًا منهم بأن السلطة فوق المواطن وفوق نعمة ربنا، وأن إهانة المواطن جزء من ممارسة سلطته.

المشكلة ليست فى بعض من يهينون الباعة أو المواطن ويدوسون نعمة ربنا بالأحذية، المشكلة فى المفاهيم التى تتوارثها الأجيال عن مفهوم السلطة وكيفية معاملة المواطن، وأيضًا فى القوانين التى تبيح لهم إهانة المواطن ونعمة ربنا.

نحن فى حاجة إلى تغيير وتصحيح هذا الموروث، وفى حاجة كذلك إلى تغيير القوانين التى تمنح سلطة لبعض موظفى الدولة، يجب أن تعلى موادها من شأن كرامة وحقوق المواطن، عندما يخطئ يعاقب بأسلوب محترم يحافظ على كرامته وآدميته، ما الفائدة التى تعود على السلطة أو بعض منفذى السلطة من إهانته لمواطن كادح تحفى قدماه لكى يوفر ثمن وجبة طعام «قرديحى» لأسرته.

الحكومة مطالبة بأن تصحح هذا الوضع المهين، وأن تعمل على حصر الباعة الجائلين، ومنح تراخيص لعرباتهم، وشهادات صحية وصلاحية لهم، ومطالبة بأن تحدد لهم المسارات التى يمكن أن يتجولوا فيها بعرباتهم، وعندما يخالف تفرض عليه غرامة تجبره فيما بعد على الالتزام، والحكومة مطالبة كذلك بأن تعلم موظفيها فى الوزارات المختلفة أن السلطة لا تعنى إهانة كرامة المواطن، السلطة هى تنفيذ القانون، كما يجب عليها أن تعلمهم: أن المرضى وأصحاب عقد النقص هم فقط الذين يستغلون السلطة ويهينون المواطنين.

[email protected]