رؤى
إسرائيل دخلت القارة السمراء منذ سنوات واستقرت فى بعض البلدان، بعد أن قدمت مساعدات لوجستية واقتصادية لحكوماتها، استغلت انشغال العرب بالخلافات البينية، وحاجة الحكام إلى الدعم ووضعت قدميها بقوة.
أغلب دول القارة تقع على العديد من المنافذ البحرية استراتيجية، البحر الأحمر، باب المندب، خليج عدن، المحيط الهندي، المحيط الأطلسي، كما أنها تضم مساحات هائلة صالحة للزراعة وللرعى والتعدين، وأعدادا كبيرة من العمالة الرخيصة، وتعد سوقا مفتوحة على مصراعيها للمنتجات المختلفة، وكذلك لإقامة استثمارات تساعد على التنمية وتدعم الترابط بين الحكومات والشعوب والبلدان.
مصر يجب تستغل قدراتها وخبراتها فى التخطيط ووضع رؤى مستقبلية للتنمية والاستقرار لأغلب هذه البلدان التى تواجه مشاكل متعددة، مثل: عدم الاستقرار السياسي، والإرهاب، وسوء تخطيط، انتشار البطالة، ضعف الموارد، وتردى حالة الاقتصادية، وانتشار الفساد، وغياب التعددية، وافتقارها لقوانين تسهل لإقامة مشروعات استثمارية.
نجاح مصر فى خلق فرص استثمارية عربية وأجنبية لبعض البلدان الإفريقية سوف يدعم مركز مصر داخل القارة سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا، وأمنيا، الاستثمار يفتح الأبواب المغلقة، ويزيد من لحمة الترابط، وخلق فرص الاستثمار لا يتحقق بعقد مؤتمر للاقتصاد، المفترض وضع آلية للتسويق والجذب، تضع أمام حكومات بعض البلدان العقبات الحقيقية التى تواجه خلق الفرص، مثل القوانين، وحرية التداول المالى، وغيرها من العقبات.
ولتحقيق هذها يفترض أن تتخلى مصر عن الأفكار القديمة التى خرجت فى الستينيات الخاصة بوضع ودور ووظيفة مصر، علينا أن نخرج من وظيفة البوابة والدولة الأكبر، والأب أو المعلم الوصى، وعليه أن تعمل بمبدأ المصلحة والمنفعة المتبادلة، مصر لم تعد بوابة لأفريقيا كما كانوا يروجون قديما، وهذه البلدان يمكن دخولها من إسرائيل، وليبيا، وفرنسا، والخليج، وبريطانيا وغيرها، كم أنها كبرت وتطورت إلى حد أنها لم تعد تقبل من يتعامل معها من باب المعلم أو الوصى، فهى قادرة على تمييز مصالحها بشكل جيد.
مصر خلال السنوات الماضية تغيرت كثيرا، وبدأت بالفعل فى تبنى أفكار جديد للعودة إلى الحضن الإفريقي، تخلت عن سياسة التعالى، وعن وظيفة البوابة، ومصر الريادة والتاريخ، وأصبحت تتبنى أفكارًا عملية تقوم على المصالح المتبادلة، ومصالح مصر فى البداية والنهاية إفريقية، والاستثمار أهم العوامل التى تربط بين الشعوب، وتفتح أبوابًا لتفاهمات استراتيجية ولوجستية وأمنية واقتصادية نحن فى حاجة لها.