رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أعتقد أن شم النسيم الماضى كان الأول فى تاريخ مصر المعاصر، الذى حرم فيه المصريون من متعة الاستمتاع فى هذا اليوم والانطلاق للحدائق والمتنزهات. فى هذا اليوم طلبت الحكومة من الشعب الجلوس فى المنازل وعدم الخروج منه، توقيًا لمرض كورونا اللعين الذى حل على البشرية كلها، وبالفعل امتثل الشعب لنداء الحكومة وامتنع تماما عن الخروج والاستمتاع فى هذا اليوم، فهو يعلم جيدا أن خروج الناس للمتنزهات والحدائق العامة قد يؤدى بسبب هذا المرض اللعين إلى مشكلات نحن فى غنى عنها.

صحيح أن من حق الشعب الاستمتاع والانطلاق فى يوم شم النسيم تيمنًا بقدوم الربيع، وأن من حقه الخروج للأماكن العامة وأن ينعم بالمناظر الطبيعية وأن يشاهد الزهور وهى تتفتح إيذانا بقدوم الربيع، ولكن شعب مصر بوعيه المشهود امتنع عن كل هذه المتع وفضل البقاء فى بيته، تفاديا للخطر القادم والجائحة التى حلت به. ومن المعروف –أيضاً– أن من عادة المصريين فى هذا اليوم تناول أطعمة معينة مثل الاسماك المملحة بأشكال وأنواع مختلفة والبصل الأخضر والخس والملانا والخضراوات الأخرى، فيوم شم النسيم ليس قاصرا على الاستمتاع بالهواء العليل والمناظر الطبيعية – فقط – بل له طقوس أخرى معروفة لدى المصريين.

وقد قيل عن يوم شم النسيم، أن قدماء المصريين هم أول من ابتدع فكرة الاحتفال به، فمصر منذ نشأتها وهى تمتاز بالهواء الطيب العليل خاصة فى فصل الربيع، وفضلا عن جمال الجو فإن هذه الفترة من العام، فهى – أيضاً– فترة الحصاد خاصة حصاد البقول كالقمح والفول وغيرهما، فالاحتفال أولا كان بجمال الطبيعة وثانيا بقدوم موسم الحصاد. وقيل عن المصريين القدماء – أيضاً أنهم أول من ابتدعوا الاسماك المملحة، حيث كان فيضان النيل يطفو ويغرق الأراضى على ضفاف النهر خاصة فى منطقة الصعيد، فتنشأ بحيرات صغيرة تتجمع فيها الاسماك، ومع انحسار النهر تجف تلك البحيرات ويموت السمك. ومن هنا ابتدع المصريون القدماء فكرة تجفيف الاسماك للاستفادة منه طوال العام، وهذه الرواية لا أعلم مدى صدقها ولكن الفكرة يمكن تصورها.

وباعتبار انى سكندرى الأصل ولدت فى الإسكندرية وأكملت دراستى فيها وقت أن كانت وبحق عروس البحر الابيض، فكانت للإسكندرية حينها طقوس خاصة للاحتفال بشم النسيم، فكانت الشركات الكبرى تتبارى بتزيين السيارات بالزهور والخروج فى مواكب، وكنا نقف على جانبى الطريق لمشاهدة هذه المواكب والسيارات المغطاة بألوان الزينة المختلفة. وأتذكر أن فى ليلة شم النسيم كانت تقام الاحتفالات على مستوى مصر كلها، فكان المرحوم فريد الاطرش يقيم حفله السنوى فى هذا اليوم، وقد اختار لهذه المناسبة أغنية خاصة مازالت تذاع حتى يومنا هذا هى أغنية الربيع، ثم جاء عبدالحليم حافظ فأصبحت المنافسة بين هذين العملاقين فى الاحتفال بهذا اليوم، ولا ننسى أيضاً الفرق الموسيقية للشرطة والجيش التى كانت تخرج إلى الميادين والحدائق العامة من أجل الترويح على المصريين وإدخال البهجة والسرور فى نفوسهم.

ودارت الأيام وحكم علينا فى هذا العام أن نظل فى منازلنا يوم شم النسيم، فلم نخرج ولم نستمتع بجمال الطبيعة، فلم نشاهد الاشجار المورقة والزهور المتفتحة ولم نشم الروائح العطرة، واكتفينا بشم الاسماك المملحة والخضراوات والبصل. وعلى كل حال نرجو الله سبحانه أن يحفظ مصر وشعبها من كل سوء، وأن يعيد علينا فى الاعوام القادمة الربيع بكل خير وسعادة، كى نستمتع جميعا بعيد الربيع، وكل عام وانتم بخير.

وتحيا مصر.