رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى المضمون

 

 

 

ثلاثة أشياء خرجت بها من رحلتى الاختيارية إلى عقل المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس حزب الوفد وما يحمله من أفكار للنصف الثانى من ولايته الأولى فى رئاسة حزب الوفد ولشكل النظام السياسى لمصر خلال السنوات القادمة.. هدفى من هذه الرحلة والقراءة فى عقل تلك القامة السياسية والقانونية الكبيرة هو استشراف المستقبل السياسى ليس للوفد فقط وإنما لمصر بشكل عام، خاصة أن فرصة وجود رجل بهذه القيمة على رأس الوفد واللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، وفى ظل هذا العام الحاسم بما يحمله من استحقاقات دستورية سوف تشكل مصر لسنوات قادمة قد لا تتكرر.

أما ما خرجت به من رحلتى هذه التى أردت لها أن تكون دردشة غير رسمية.. فأولها أن رئيس الوفد لديه مصلحتان لا ثالث لهما.. المصلحة الأولى هى مصلحة مصر وكيف تصل لبر الأمان بنظام انتخابى محكم يغلق الباب على أى قلاقل قد تسببها تلك الاستحقاقات.. أما الثانية فهى كيفية بناء نظام سياسى حزبى وفى القلب منه الوفد للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة التى ينشدها الجميع.

أما الشىء الثالث وهو الأهم أننى وجدت فى رئيس الوفد سياسيا من نوع آخر.. فالرجل يتحدث داخل مكتبه وفى الغرف المغلقة تمامًا كما يتحدث فى العلن، فى استقامة قد لا تجدها بسهولة فى بعض السياسيين.. فى البداية سألت المستشار بهاء الدين أبو شقة مباشرة لماذا يصر الوفد على تطبيق نظام القائمة المغلقة دون غيرها بنسبة ٧٥٪؟ وانقل لكم إجابته بدون تصرف..

قال رئيس الوفد إن أى نظام انتخابى لابد أن يراعى مصلحة الوطن والناخبين والوفد أجرى دراسة مستفيضة حول النظم الانتخابية جميعًا ووجد الآتى أولًا النظام الفردى يؤدى إلى تدخل المال السياسى والرشاوى الانتخابية ولا يستطيع خوض الانتخابات الفردية والفوز بها سوى أصحاب رؤوس الأموال الضخمة أو العصبيات الكبيرة، ويعطى فرصة لتسلل الجماعات الدينية التى لا تزال تحاول العودة إلى المشهد ولا يوجد نظام يعطيها هذه الفرصة أفضل من النظام الفردى.

أما نظام القوائم النسبية فقد يكون مناسبًا فى مراحل الاستقرار الكامل حزبيًا أما فى تلك المرحلة فإنه سيأتى ببرلمان غير متجانس لأن نجاح الأوائل من قوائم مختلفة سيأتى بنواب من كل صوب وحدب ويخلق برلمانا مفتتا.. هذا خطر على الدولة المصرية بالكامل بجانب انه لا يحقق العدالة بين المرشحين، فأحيانا تجد مرشحًا قويًا وادرج فى القائمة رقم ٣ مثلا فينجح المرشح المتقدم بدون جهد وتهدر فرص الأكثر استحقاقا، بالإضافة إلى ان نظام القوائم النسبية يخلق صراعا داخل الأحزاب على ترتيب الأسماء ومعايير من يتقدم بالقائمة ومن يتأخر.

أما نظام القوائم المغلقة ـ والكلام لرئيس الوفد ـ فإننا نرى أنه الأنسب فى الوقت الحالى لأنه يعطى الفرصة للأحزاب للائتلاف وبناء نظام سياسى سليم يتيح التنافس بين ثلاثة ائتلافات مثلما هو الحال فى كل دول العالم.. ويرى المستشار بهاء الدين أبوشقة ضرورة وجود ائتلاف ليبرالى ويسارى ووسط، والوفد يمثل الاتجاه الليبرالى بطبيعة الحال.. إلى هنا انتهى كلام المستشار بهاء الدين أبوشقة.

وفى التحليل فإن تلك الكلمات تؤكد أن الوفد عندما أعلن عن تبنيه نظام القائمة المغلقة مع ٢٥٪ للفردى جاء بعد دراسة ورؤية ترتكز على قاعدتين أساسيتين هما مصلحة الوطن فى هذه المرحلة بالاعتماد على نظام امن يتيح للأحزاب انتقاء أفضل العناصر والدفع بها فى معركة انتخابية سواء فى مجلس الشيوخ أو النواب وتكون الأحزاب السياسية مسئولة عن اختياراتها لمرشحيها بالكامل، وتتحول الانتخابات إلى انتخاب برامج حزبية بدلا من اختيار أفراد.

أما القاعدة الثانية فهى منح الأحزاب السياسية فرصة الاندماج أو التحالف فى تيارات معروفة وهنا يظهر الانتماء الحزبى ـ وليس القبلى أو العائلى ـ وهذا هو جوهر الديمقراطية التى تأخذ الجميع من تكتلات القرون الماضية إلى رحابة الانصهار فى بوتقة الوطن من خلال القنوات الشرعية الوحيدة لممارسة السياسة وهى الأحزاب.

وهنا يأخذنا سؤال مهم حول التحالفات الانتخابية: هل هذه القوائم ستكون ائتلافية بين عدة أحزاب متوافقة فى الرؤى أم أن الأحزاب ستستمر على حالة الانقسام وتخوض الانتخابات فرادى، وكل حزب يشكل قائمته؟

فى رأيى ليس أمام الأحزاب السياسية سوى الانخراط فى تحالف انتخابى جامع تخوض من خلاله الانتخابات وبعدها تتشكل داخل البرلمان المعارضة والأغلبية بحسب ما حصدته الأحزاب المحسوبة على الوسط أو اليمين أو التيار الليبرالى.. ومن المؤكد أن الانتخابات القادمة لن تفرز أغلبيه واضحه لأى حزب خاصة فى ظل ائتلاف العديد منها، وفى الغالب سيختار حزبان أو أكثر التحالف داخل البرلمان لتشكيل الأغلبية وسيختار حزب ثان حصل على نسبة معقولة من المقاعد أن يكون بصفوف المعارضة.

وبقليل من التفكير فى رؤية الوفد سنجد أن الحزب أولًا استلهم تراثه وتجربته العريضة فى تأسيس النظم الانتخابية فى مصر وأن مبررات الأخذ بنظام القائمة المغلقة منطقية بشكل كبير وواقعية، والغرض منها الوصول إلى نظام سياسى أمثل يقودنا كما أشرت سابقا إلى برلمان متجانس بغرفتيه، ويحقق مصلحة الدولة المصرية فى تلك المرحلة الفارقة نحو الوصول إلى الاستقرار الكامل.