رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

 

الانتحار أصبح ظاهرة مقلقة للغاية، نظرًا لتداخل عوامل فكرية ونفسية واجتماعية، ولذلك فإن تحليلها والبحث فى أسبابها يحتاج إلى جهد كبير وبحث دقيق من المختصين، لا أن يكون حديث العامة، صباحًا ومساءً، عبر «السوشيال ميديا»!

بكل أسف، أصبح الانتحار فى مصر، خبرًا شبه يومي، فى مختلف وسائل الإعلام، وبات ظاهرة خرجت من «حزام الأمان» حتى وصلت إلى «حزام الخطر»، لكن تزايدها فى الأسابيع الأخيرة، يثير المخاوف بشأن زيادة معدلاتها، وتضخيم تأثير نشر تلك النوعية من الأخبار.

المؤسف أن الكثيرين انشغلوا بجدلية «الحلال والحرام»، فى توصيف الانتحار، بعدما أثيرت تساؤلات خلال الأيام الماضية، تدور حول: هل المنتحر كافر أم عاصٍ.. وهل يُدفن بمقابر المسلمين.. وهل يخرج عن الملة أم يظل على إسلامه؟!

إن تفاقم الظاهرة يعد بمثابة جرس إنذار للجميع، كما تؤكد أننا نعيش متاهة الشتات والضياع الفكرى والعقائدى منذ سنوات، بعد أن طرأ كثير من المتغيرات السيكولوجية على الشخصية المصرية «المحافظة والمتدينة بالفطرة»!

أَنْ يُقْدِم العشرات على الانتحار، خلال أسابيع، فذلك أمر يستحق التدقيق بشكل معمق، وألا تمر تلك «المصائب» مرور الكرام، فما يحدث يصعب أن يكون مصادفة، أو نتيجة لسوء أوضاع معيشية، أو ضبابية الحاضر والمستقبل.. وبالطبع ليس تشابهًا فى نمط التفكير والسلوك!

إذا اعتبرنا أن الصدمة تكمن فى تلك الأعداد الكبيرة والمتزايدة، خلال فترة قصيرة، إضافة إلى شيوع الإقدام على الانتحار «بطرق تقليدية، وغيرها»، فإن الكارثة الحقيقية هى اعتبار هؤلاء المنتحرين، الذين تم الكشف عن هوياتهم وأعدادهم، هم إجمالى الحالات التى حدثت بالفعل، لأنه قد يوجد آخرون لم يتم الكشف عنهم، أو تم إنقاذهم من موت محقق!

إن الانتحار خطيئة كبرى، تعد من كبائر الذنوب، وبالتالى فإن وراء كل حالة انتحار أسبابها وظروفها، ولكن ما لا نفهمه هو أن يكون نتيجة «ظرفية»، لتراكم الدِّيون، أو مواجهة القهر، أو ضغوطات الحياة اليومية.. لأن تنفيذ الانتحار هو لحظة جنون تنتهى بموت صاحبها.

وبما أن الانتحار يتعلق بسلوك عدواني، يرفض الحياة، أو التصالح مع النفس، وغالبًا ما يكون بسبب اليأس من الحياة، أو الفقر، أو المرض، أو غيرهم، كأسباب ظاهرية فى كثير من الحالات التى حدثت، إلا أن الواقع يشير إلى أن المنتحر قد وصل إلى قناعة ـ فى معظم الأحوال ـ بأنه سيُريح ويستريح.

يقينًا، الانتحار مُحَرَّم ومُجَرَّم فى كافة الأديان السماوية، لأن الحياة هبة من الخالق، الذى نفخ فيه من روحه، ولذلك لا يحق للإنسان أن يُنهى هذه الحياة التى لا يمتلكها فى الواقع.. حتى وإن كانت له الحرية الكاملة فى تصرفاته وسلوكه وأفعاله.

كما أنه فى ظل غياب الشفافية وحرية تداول المعلومات، وكذلك عدم وجود أرقام حقيقية ترصد الظاهرة، نتصور أنه لا يمكننا التعاطى بسلبية، أو سطحية، مع موضوع الانتحار، أيًا تكون مسبباته وظروفه.. فالأمر برمَّته كارثة حقيقية، تستوجب مواجهتها بكثير من المسؤولية الإنسانية على أقل تقدير.

أخيرًا.. نعتقد أن الحل يكمن فى محاربة الإحباط واليأس لدى الناس، ووقف هذا النزيف البشري، وألا يكون محصورًا فقط فى حجب أو تقليل نشر تلك النوعية من الأخبار.. فالانتحار ظاهرة كارثية، تحتاج إلى معالجة حقيقية، لمنع هؤلاء الذين يهربون إلى الموت!!

 

[email protected]