رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يعتقد الكثيرون أننا نعيش فى عولمة واحدة؛ ولكن الحقيقة أننا أمام عولمتين ليس عولمة واحدة، عولمة عسكرية تقودها الولايات المتحدة، والسرعة الأساسية فيها هى السلاح بكل أنواعه الصغير والمتوسط والكبير؛ وعولمة اقتصادية تقودها فى شكل أساسى الصين؛ باعتبار أنها الآن هى مصنع العالم، وتقريباً أكثر من نصف السلع الموجودة فى الأسواق العالمية هى صناعة صينية؛ وإذا رجعنا إلى دروس التاريخ، نجد أن أية دولة استخدمت الأسلوب العسكرى كوسيلة للسيطرة على العالم فشلت، بينما من اتخذ القوة الناعمة فى الأساس هى التى تطور الشعوب، وقديماً قيل إن بلاد (اليونان) المغلوبة غزت (روما) الغالبة، غزتها ثقافياً.

الرومان غزوا اليونانيين عسكرياً و(اليونان) غزت الرومان ثقافياً، ونحن اليوم على أعتاب تطورات جديدة فى النظام العالمى، اليوم (الصين) عندما تضع أقدامها على الطريق الصحيح سوف يهتز العالم. وهذا شىء واضح، فكل التوقعات تشير إلى أن الصين تأخذ مكاناً عظيماً، وسوف تتصدر الاقتصاد العالمى؛ لاسيما إذا ما عرفنا أنها تحافظ على نسبة تطور ونسبة نمو اقتصادى لم تغلبها فى ذلك أية دولة من العالم، اليوم نسبة النمو الاقتصادى لأربعة عقود هى 8.38% وفى بعض المناطق الساحلية وصل إلى 13%. مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية نسبة النمو الاقتصادى اليوم هى 3.1%. وبالطبع هناك مخاوف كبيرة تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية مما يحدث حالياً فى التقارب الكبير بين الصين والمنطقة العربية؛ ويظهر بقوة ووضوح من حجم التبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية بين الصين والدول العربية؛ فحجم التبادل التجارى، انتقل من 17% فى عام 2004 عند انعقاد منتدى التعاون العربى الصينى إلى 244 مليار دولار فى عام 2017؛ والرئيس الصينى «شى جينج بينج»، يتوقع أن تصل نسبة التبادل التجارى بين الصين والدول العربية إلى أكثر من 600 مليار دولار؛ وهذا ناتج من ثلاثة محاور رئيسية تدفع بقوة فى هذا الاتجاه؛ أهمها أن الصين تنظر إلى الوطن العربى كمنطقة مهمة ومؤثرة فى مجال الطاقة، فالصين تستورد من المنطقة العربية ما يقارب 55 إلى 60% من المنتجات النفطية؛ وفى نفس الوقت تنظر إلى المنطقة العربية كسوق استهلاكى لبضائعها، وكمكان استراتيجى مهم فى اتجاه طريق الحرير الجديد، الطريق الأضخم والمشروع الأكبر الذى قدمه الرئيس الصينى؛ ورصد لهذا المشروع تريليون وثلاثمائة مليار دولار؛ والدول العربية تمثل خطوة مهمة ومحور مهم فى هذا الطريق، فضلاً عن ذلك نجد أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة العربية وتجاه الخليج العربى تعمل فى استغلال الموارد المادية، ونهب خيراتها، بطريقة غير شرعية، وهذا ما لاحظناه فى سياسة «دونالد ترامب» منذ العملية الانتخابية إلى وصوله إلى النظام الرئاسى، فهو يحاول سحب أموال عربية من (السعودية)، من (الكويت). وهناك كتابين حول مستقبل (الصين)، الأول اسمه «جيو سياسة (الصين) المقبلة»، يقول الكاتب فيه إنه فى السنوات الأولى للقرن الحادى والعشرين اعتبرت (الصين) مصنع العالم برواتب قليلة وشركات غربية كبيرة؛ وبدأت تتقدم أكثر، وطورت كثيراً اقتصادها، ومنذ أواسط 2010 راحت تتوجه نحو احتلال المركز القوى بين القوى الاقتصادية الأولى فى العالم، حتى أنها تقدمت أمام (أمريكا)، على الجانب الآخر؛ وهناك كتاب اسمه «القوة الصينية»، يقول الكاتب فيه إن (الصين) حذرة جداً من إدارة «دونالد ترامب» لكنها لا تتمتع بالقدرة على مواجهة (واشنطن)، وتعتمد فى ذلك على البراجماتية والعقلانية بانتظار وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض.

والرائع أن الصين تمتلك أكبر احتياطى نقدى فى العالم، وتمتلك موارد مادية وموارد طبيعية كبيرة جداً، كل هذه الأمور جعلت منها باستراتيجيتها، تسير نحو الصعود السلمى، هذا ما جعل من علاقات (الصين) مع الدول الأخرى تتقارب بهذا الإنتاج، فهى لا تريد أن تصعد مثلما صعدت بقية دول العالم الكبرى على أكتاف بقية الدول؛ بل تصعد بأسلوب دبلوماسى، وهى ترفع شعار «تبادل المنفعة»، «التبادل المشترك»، «المنفعة المشتركة» وهذا واضح من خلال «طريق الصين الجديد». فمرحباً بعالم به عولمة الصين الاقتصادية التى تحد من عولمة أمريكا العسكرية.