رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

فى طريقى للقاء رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة الشاعر والباحث مسعود شومان فى شبين القناطر حيث يقيم ،تعثرت فى «عاركة» حامية بين عدد من سائقى التكاتك. شارع ضيق يمتليء بالحفر والمطبات ومكتظ بالمارة والأولاد الصغار ،وتكاد التريسكلات المدججة بالحديد الصلب تسحق الجميع ، وتهدد قائدى السيارات بالإطباق عليهم فى سياراتهم. أصحاب محال البقالة يحتلون الشارع من جانبيه ، ويتوسعون على حساب حقوق العابرين. فجأه أصيب الشارع بالجنون والتوتر ، ولم يعد هناك صوت يعلو على صوت «الخناقة» التى اندلعت بين سواقى التكاتك .هذا يحمل «أمشة»وذاك يحمل «سنجة» والثالث «تقصيرة»خشبية،والرابع مسلح ب«طوبة»..وهذه أرخص أداة للقتل فى بر مصر . ربما كانت كسر رخام من ذلك الذى تم به عجن ثوار الميدان فى موقعة الجمل ! أرخص وأسرع أدوات للعراك والقتل والتحطيم والتكسير ،بل  وأسهل أداة يمكن الحصول عليها للعراك هى الحجارة ، فالشوارع كلها ملأى بها لأنها «ببلاش كدة»، وتشج الرؤوس بخفة وسرعة ، وتحطم زجاج السيارات على رؤوس مالكيها بسلاسة ومن دون مجهود! كأننى رأيت لحظة من لحظات الجحيم وأنا بطريقى عبر هذا الشارع ،فى سوء حظ أظننى أتمتع به منذ زمن .تسمرت بسيارتى - خائفاً ومذعورا - ورحت أراقب من بعيد عملية الكر والفر الدائرة بين «المتخانقين »، وكان مثيرا للدهشة أنهم  ليسوا من الوزن الثقيل،  وإنما من ذوى الأجساد الفيرانى أو العصافيرى التى تنبئك عن طفولة شوارع ربما لم يتجاوزوها عمرياً.«شوية عيال» أوقفوا الشارع وأوقفوا قلوبنا معهم ، لم يستطع أحد ردعهم .الكل خرج للفرجة والمشاهدة.سواقو تكاتك كانوا فى مؤخرة الشارع تركوا التكاتك والزبائن وهرعوا ليروا أبعاد العاركة ومن المهزوم ومن المنتصر ومن الذى شج رأس الآخر.لم يجرؤ أحد على التدخل.كنت أتميز من الغيظ ، ويسرى فى داخلى خوف رهيب حينما لمحت الحجارة وهى تلعلع فى سماء الشارع ، منتظرا أن يقودها سوء الحظ إلى نافذتى أو زجاجى الأمامى ومعها تبدأ الكارثة!

ما كل هذا الجنون؟ ما كل هذا الحضور للبلطجة وقلة الأدب وسوء السلوك؟ السائقون عموما فى مصر أصبحوا هكذا وليس قادة التكاتك فقط. وهذا يعكس حالة من الاختلال الرهيب فى المجتمع، فأنت لا تستطيع أن تعاتب سائقاً ركن بطريقة خاطئة ضيقت الشارع ،غير عابيء بمعاناتك بالمرور بسيارتك،فحتما سيلقنك درسا فى السكوت بشتائمه أو ب(مِدْيَتُه)! التفت حولك ما شئت لن ينقذك أحد.لا «كونساتبل»، ولا « درك» ولا حتى النجدة، التي تخطيء حتما طريقها إلى أماكن النحس والخناقات! لا تطمئن فى الشارع فأنت وحدك تماما! كل شيء غائب حتى الحظ.هكذا هى الحياة فى مصر : فوضى عارمة ومعارك يومية متكررة بين الناس  فى الشارع والمول والكمباوند والشهر العقارى وفوق الدائرى و المدرسة والجامعة والمستشفى ٠حياة مكفهرة تستنزف المصريين، فلا تشريعات تساعد على وقف النزيف أو ضبط الشارع،وإذا «سُنَّتَ»-أو وجدت- لا تأخذ طريقها للتنفيذ! ما الذى ستحاور فيه « مسعود شومان» وما يحدثه من تطوير فى الثقافة الجديدة؟ ما الذى يمكن أن تقوله  لعمنا «صلاح  چاهين» إذا قدر لك أن تلتقيه مجدداً إذا بعث من جديد؟! ما الذى سيحله قرار إعدام التكاتك؟ لا شيء.. وعجبي!