رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

مع كل ذكرى لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم نجلس لنحكى عن القصة، ونرصد تفاصيلها, ونعدد مناقبها, ونردد كلاماً قد يكون محفوظاً عند العامة قبل الخاصة, ولكن هل وقفنا على الاستفادة من الحدث الذى أرخ به، وغير وجه التاريخ, وحاولنا تطيبقه فى حياتنا المعاصرة؟

إن العقل الإسلامى والتفكير المنطقى يحتم علينا أن نفعل ذلك، وإن لم نفعل فما استفدنا من قدوتنا ومعلمنا على مر العصور, ولظللنا كالببغاوات نردد كلاماً لا يتجاوز حناجرنا

المصطفى عليه الصلاة والسلام قال: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية»، ومع ذلك فهى مستمرة، ولكن بصورة أخرى، فقد قال فى حديث آخر «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها»، فهى هجرة مستمرة لا تنقطع إلى يوم القيامة، ولا ينتهى السير إلا بالموت فى حق الفرد، وبالقيامة فى حق الجماعة, فرار إلى الله ولجوء إليه، هجرة قلبية إلى حماه من كل صنوف الشرك والغفلة والنفاق، فلا يستحق صفة المهاجر بحق إلا الذى تاب إلى الله توبة نصوحا، وأقلع عن ذنوبه, وأصبح له حال جديد مع ربه, انتقل من الكسل والدعة إلى العمل والنشاط, اقلع عن الغيبة والنميمة وتمسك بحفظ اللسان عن الحديث فى أعراض الناس, حارب شح نفسه، وأصبح ينفق فى سبيل الله إنفاق من لا يخشى نقصان ماله، ترك الغش والتدليس ليستبدل بهما الصراحة والشفافية, باختصار تحول إلى إنسان جديد يطبق تعاليم الدين الحنيف على نفسه فإذا رآه أحد عرف الإسلام من خلال أفعاله وحركاته وثكناته دون أن ينطق حرفاً واحداً, متمثلاً بوصف عائشة رضى الله عنها للنبى بأنه كان قرآناً يمشى على الأرض.

هاجروا إلى الله واتخذوا من الذكرى بداية جديدة لإصلاح القلوب التى ملأها الران, وتزكية النفوس التى سيطر عليها حب الدنيا، تخلصوا من العادات اليومية التى التصقت بكم وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتكم رغم أنها تخالف العقيدة بزعم أن الناس جميعا يفعلونها,أضيفوا إلى رصيدكم الإيمانى كل يوم ما يقربكم للمولى عز وجل، تخلوا عن شياطينكم من الإنس والجن، تذكروا حبيبكم واجعلوه قدوة ونبراساً حين عبد ربه حتى تفطرت قدماه رغم أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, وحين أخلص لدعوته وضحى من أجلها بكل شىء, وتحمل ما لم يتحمله بشر من إيذاء بدنى ونفسى، وحرص كل الحرص على المضى قدما حتى آخر لحظة من حياته لنشر رسالته، فحمل نفسه ما لا تطيق، ومنعها من نعم الدنيا المباحة، واختار راضياً حياة الزهد, لتصل الأمانة فى النهاية إلينا سهلة بسيطة، فلم نعرف قيمتها وبالتالى لم نضف إليها شيئاً، واكتفينا بدور المتلقى الذى يمصمص الشفاه عند سماع سيرة الرسول، ثم يصلى عليه ويمضى إلى حال سبيله كأن شيئاً لم يكن.

هذه هى الهجرة بمعناها الواسع والشامل الذى يصلح لكل زمان ومكان, وهذا ما يقصده المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما أمرنا بأن نتبع سنته وسنة التابعين من بعده ونعض عليها بالنواجذ لنفوز بخيرى الدنيا والآخرة.

[email protected]