رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

رغم عزوفه الإعلامى إلا أن شعبيته الجماهيرية ميزته عن الكثيرين من نظرائه لأنه أضاف للمكتبة العربية أعمالا قيمة, وكانت مواقفه واضحة حيث انحاز منذ البداية للوطن؛ ولم يوائم أو يُهادن كما فعل الكثيرون.

 لم يحقق تعليما منتظما منذ الصغر، فقد التحق بـ«الكتاب» ثم تنقل بين عدة مدارس حتى استقر فى مدرسة لتعليم فنون السجاد لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية, ثم عمل فى هيئة البريد «بوسطجى», لكن موهبته جعلته أحد أبرز كتاب جيله.

الأديب الراحل إبراهيم أصلان الذى وافق ذكرى مولده بداية الشهر الحالى أحد الكتاب الذين امتلكوا الواقع واستطاعوا أن يكتبوا عنه فنا بديعا، ورغم أنه لم يأخذ حقه فى التعليم وعمل فى بداية حياته فى هيئة البريد إلا أنه ثقف نفسه بنفسه واحتل مكانة تليق به فى الحركة الثقافية المصرية، وأسس لنفسه كتابة خاصة به تقوم على الحكى والنصوص الصغيرة التى تحمل أفكارا كبيرة.

عندما تقرأ نصا من نصوص أصلان تكتشف أنه صاحب النص حتى وإن لم يضع اسمه فقد وضع لنفسه أسلوبا يميزه وموضوعات لا يهتم بها غيره، لأنه ينتمى إلى طبقة المهمشين، حيث نشأ وتعلم فى حى إمبابة وخالط أهل الهامش واستطاع أن يُعبر عنهم.. لقد كان مشغولا بالطبقة الكادحة المهمشة.. كان دائما يطرح تساؤلات :كيف يعيش هؤلاء الفقراء؟ وإلى متى سيظل العدل غائبا؟ حديثه عن الحرية لا يتوقف ولديه نصوص كثيرة تحكى وتتكلم عن الفقراء.

وكُتاب جيل الستينيات عاشوا واندمجوا وتفاعلوا، وعلى الرغم من أن معظمهم يحملون شهادات متوسطة أو ما هو أقل، ورغم أنهم خرجوا من قرى ومناطق شعبية لم تنل حظا من الاهتمام - حتى أن إبراهيم أصلان كان يشعر بالغربة فى القاهرة - إلا أنهم نحتوا فى الصخر وقدموا للثقافة المصرية والعربية الكثير والكثير، فقدم هذا الجيل ما يُطلق عليه وثيقة تاريخية عن الواقع السرى للوطن، فقد استطاع هذا الجيل أن يُكون لنفسه ثقافته المميزة وهو ما انعكس على إبداعه الرائع.

يقول رفيق عمره الروائى الكبير سعيد الكفراوى: «ربطتنى بأصلان علاقة صداقة طويلة جدا، سافرنا سويا خارج مصر وداخلها، كنا فى العراق والمغرب، وزرنا سويا معظم محافظات مصر، علاقتنا لم تكن شخصية بل أسرية, فكنت أنا وأصلان ومحمد البساطى ومحمد عفيفى مطر وإبراهيم عبدالمجيد أصدقاء مقربين، وشهدت مقاهى القاهرة المختلفة تفاصيل هذه العلاقة, ويضيف «الكفراوى»: أصلان كان إنسانًا بمعنى الكلمة، فى أحد الأيام دق جرس الهاتف فى الفجر، وجدته على الطرف الآخر فقال لى بصوت يملؤه الحزن: خيرى شلبى فى رحاب الله، نزلنا سويا من المقطم، كهلين عجوزين نجتر الذكريات التى امتدت أربعين عاما مع خيرى شلبى، دخلت لألقى النظرة الأخيرة على شلبى وإذا بإبراهيم أصلان لا يقوى على الدخول ومشاهدة صديقه ميتًا، ظل يبكى بجوار الحائط، وهى من المرات البسيطة التى رأيته فيها يبكى بهذه الطريقة.

يقول الكفراوى: «كانت أحلامه على المستوى العام كبيرة جدا, بينما كانت أحلامه على المستوى الشخصى بسيطة، فكان يقول لى: نفسى أشترى كرسى هزاز وأجلس فى شرفة بيتى على جبل المقطم وأرى غروب الشمس.. المدهش أن يوم وفاته فوجئت بزوجته تتصل بى وتقول: إلحقنى إبراهيم تعبان ولا أعرف ماذا أفعل، أسرعت إلى منزله أنا وزوجتى وكنت أول من وصل فوجدته يجلس على الكرسى الهزاز وقد فارق الحياة.. فحملته ووضعته على الفراش وأغمضت عينيه وأعلنت وفاة الكاتب الكبير.

 

[email protected]