رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

ماذا يحدث للجنيه المصرى؟ وما هى الأسباب الفنية الحقيقية لهذا الارتفاع المفاجئ والكبير فى سعر صرف العملة المحلية بأكثر من 20 قرشاً دفعة واحدة.. وهو أكبر تغير يحدث ربما خلال عام كامل.. خاصة أن كل توقعات مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية وبنوك الاستثمار كانت تشير إلى عكس ذلك؟

هذا هو ما أصبح سؤال الساعة فى مصر منذ أمس الأول.. نظراً لما لهذا الصعود من تأثير إيجابى ترقبه الجميع كثيراً.. لأنه ينعكس على الاقتصاد بشكل عام وعلى الأحوال المعيشية بشكل خاص فى ظل ما شهدته الأسواق من ارتفاع مستمر لأسعار السلع منذ تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر عام 2016.

•• احتار الناس

وتضاربت التحليلات حول أسباب هذا الصعود المفاجئ.. بينما تباينت آراء المحللين وتعددت فى ظل عدم صدور أى تصريح رسمى من الحكومة أو البنك المركزى تبرر ما حدث.

بعض المحللين يرون أن مثل هذا التغير الكبير ما كان ليحدث ما لم يقم البنك المركزى بالتدخل بشكل مباشر لتحريك سعر الصرف.. لكن البنك المركزى ينفى ذلك دائماً.. وبشكل قاطع.. ويؤكد أنه لا يتدخل مطلقاً فى سعر الصرف.. لأن هذا يتناقض بالطبع مع التزامات مصر مع مؤسسات الإقراض والتصنيف الاتئمانى العالمية.

أما أكثر التفسيرات شيوعاً فيرجع صعود الجنيه إلى ما يشهده شهر يناير الحالى من زيادة التدفقات المالية من جانب المستثمرين الأجانب الذين يتزايد إقبالهم على الاستثمار فى الأوراق المالية المصرية.. سندات وأذون الخزانة بالعملة المحلية.. فيقومون ببيع الدولار وشراء الجنيه لاستثماره فى الأوراق المالية.. وهو ما خلق وفرة كبيرة بالأسواق من العملات الأجنبية.. انعكست إيجابياً بالتالى على سعر صرف الجنيه.. وخاصة فى ظل قرار البنك المركزى الذى بدأ تطبيقه نهاية مارس الماضى بإلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب فى الأوراق المالية إلى الخارج.. فى حال تخارجهم من هذه الأموال.. والتى كان يجرى تمويلها من خلال حساب خاص لدى «المركزى».

•• ومنذ أيام

أدلى محافظ البنك المركزى طارق عامر بتصريحات صحفية.. توقع خلالها حدوث تحرك كبير لسعر صرف الجنيه خلال الفترة المقبلة.. بعد إلغاء آلية التحويلات.. لكنه لم يفصح عما إذا كان اتجاه هذا التحرك صعودياً أم هبوطياً؟.. غير أن المحللين فسروا هذه التصريحات بأنها إشارة إلى انخفاض مرتقب للجنيه.. خاصة أن المحافظ أشار إلى ما لدى البنك المركزى من تحوطات لمواجهة أى مضاربات على العملة قد تحدث قريباً.

لكن ما حدث هو العكس.. ارتفع الجنيه بنسبة كبيرة مخالفاً التوقعات.. ومنها مثلاً توقعات مؤسسة «ستاندرد آند بورز» الدولية التى كانت تتوقع ارتفاع سعر الدولار إلى 18.4 جنيه بنهاية العام المالى الجارى 2018/2019.. وإلى 18.9 جنيه بنهاية 2019/2020.. وإلى 19.4 جنيه بنهاية 2020/2021.

•• الملاحظ أيضاً

أنه بالرغم من التحليلات التى ترجع صعود الجنيه إلى زيادة إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين الحكومية أو الأوراق المالية المصرية.. إلا أن الإحصائيات الرسمية المتوفرة حتى الآن كانت تشير إلى أن حجم هذا الاستثمار كان يسير فى اتجاه هبوطى.. حيث قدرت بنحو 23.1 مليار دولار فى نهاية مارس 2018.. ثم هبطت إلى 17.5 مليار بنهاية يونيو 2018.. وإلى 14 ملياراً بنهاية سبتمبر 2018.

وذلك عندما كانت هناك آلية تضمن لهم الحصول على أموالهم بالدولار وتحويلها إلى الخارج إذا رغبوا فى الخروج.. فهل من المنطقى أن تزيد استثماراتهم فى ظل إلغاء هذه الآلية؟.. وأيضاً: لماذا لم يصدر بيان رسمى حول حجم ما حدث من زيادة بالفعل فى حجم تدفقات الأجانب واستثماراتهم فى الأوراق المالية خلال هذا الشهر (يناير) الذى لم ينته بعد؟!.

•• وعلى أى حال

فإننا نترقب بالتأكيد ما إذا كان هذا الصعود للجنيه المدفوع بزيادة إقبال الأجانب على الاستثمار فى أدوات الدين سيستمر طويلاً.. أم أنه ظاهرة مؤقتة سرعان ما تنتهى ويعود الحال إلى ما كان عليه.. أو يسير وفق سيناريو الاتجاه الهبوطى المزعج الذى سبق أن توقعته المؤسسات العالمية؟

وإلى أن تجيب الأيام القادمة عن هذا السؤال.. فإننا لا نطالب الحكومة إلا بمزيد من الشفافية حول هذه المسألة.. وسرعة إصدار بيانات رسمية لشرح ما يحدث.. وطمأنة الناس على اقتصاد بلدهم.. وعلى أنفسهم ومصالحهم أيضاً.. وهذا حقهم.