رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما عَيَّنت الإمارات العربية المتحدة وزيرة للسعادة نظرنا باندهاش للأمر وبسخرية أحياناً، فقد استحدث هذا المنصب في 8 فبراير 2016.

وشغلت عهود خلفان الرومى منصب أول وزيرة للسعادة فى العالم العربى لكن المتأمل فى خطاب تكليفها يجد أن من مهامها مواءمة كافة خطط دولة الإمارات العربية المتحدة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع؛ بمعنى أن أى مشروع فى الدولة ما لم يحقق سعادة للمجتمع فلن يُقام، وأثبتت التجربة نجاحها، لأن غاية أية حكومة أن تُسعد مواطنيها، وأن تُلبى احتياجاتهم وأن يشعروا بالرضا تجاه مؤسساتها، ولك أن تتخيل لو أننا وزّعنا بمصر استبانة على المتعاملين مع المصالح الحكومية لقياس رضاهم عن المعاملة وسرعة الإنجاز ودِقَّته فسنجد عجباً، فإذا كانت الرقابة الإدارية والأجهزة المعنية تضبط المرتشين الكبار، فما بالنا بالصغار الذين يفتحون الأدراج، ومِن قبل كان الراشى يرتعش وهو يُخفى العشرين جنيهاً للموظف فى علبة السجائر أو بين طيات أوراق ملفّه، فقد يرفض الموظف ويحرجه أمام الناس، لكن الأمر الآن إلا ما ندر جدّ مختلف، فتعريفة الرّشى ارتفعت وتحوّلت من السرّ إلى العلن، ولى تجربة فى هذا الشأن فقد مررت على ثلاثة أطباء ومعمل تحليل لاستخراج شهادات طبية لاستخراج رخصة قيادة السيارة، فى الوقت الذى ضحك زميل على تصرفى وتعبى واتصل بأحدهم فأحضر له الشهادات ممهورة ومختومة دون أسماء، وقال لى بمائة جنيه ينتهى كل شيء حتى لو كتبتَ اسم أحد العميان على شهادة طبية، سواء أكانت لرخصة قيادة أو رخصة سلاح! فالعين اليمنى ستة على ستة وكذلك اليسرى! والطبيب لم يرهما قط.

كيف ترى السعادة فى أبنية الإدارات الرسمية وهى تفتقر إلى النظافة والتهوية وسرعة الإنجاز؟ هل توجد دورة مياه فى أية مصلحة حكومية تصلح للاستخدام الآدمي؟ فى الوقت الذى نتفنن فى تجميل وتعطير حماماتنا الخاصة ببيوتنا ونَسْف القديم منها لتبدو فى أنظف منظر؟ وكأنّ هذا الشخص المستخدِم هنا غير المستخدِم هناك؟ أو أن الشارع والقطاع العام ينتمى لبلاد أخرى!

كيف يحتاج الناس إلى واسطة لقضاء حقوقهم، حتى ترسَّخت الواسطة والمحسوبية فى الذهن الجمعى؛ فصار المواطن الذى يحمل شيكاً باسمه فى حاجة إلى واسطة بالبنك الذى سيذهب إليه حتى يصرف حقه (شِيكه) وإلا سوف ينتظر ساعات حتى يأتى دوره أمام عدد قليل من الموظفين الذين ينجزون أعمال المواطنين ببطء، وربما يقف المواطن أمام الشباك حتى ينتهى الموظف من مكالمة شخصية أو متابعة مباراة على هاتفه الشخصى؛ فى الوقت الذى يتباهى هذا البنك أنه ربِح مليارات فى العام الماضى، ولم يفكر فى تعيين الشباب ليقلل من ساعات انتظار المتعاملين، ولك أن ترى ذوى المعاشات يصطفون فى طوابير صرف المعاشات من قبيل الفجر حتى المساء فى شوارع فى الحر أو البرد! هل نوزّع على هؤلاء وأولئك استبانة قياس الرضا والسعادة؟ ترى ماذا سيكتب المتعاملون فيها؟ من هنا فان الحاجة مُلِحّة لاستحداث «وزارة السعادة».

فى تقرير السعادة العالمى لعام 2017 عن لجنة شبكة حلول التنمية المستدامة، (The Sustainable Development Solutions Network) الصادر الأسبوع الماضى جاءت مصر فى المرتبة 104 من بين دول العالم التى تصل إلى 155 دولة فى هذا العالم الذى خلقه الله، ونحن هنا فى الثُّلُث الأخير من القائمة، وقد جاءت النرويج أكثر بلاد الله سعادة فى العالم، بينما احتلت الإمارات المركز الأول عربياً والواحد والعشرين عالمياً، وقد أعلنت الأمم المتحدة عن تقريرها هذا فى احتفالية أقامتها الأمم المتحدة ليوم السعادة العالمى لعام 2017 الذى يصادف 20 مارس، وإذا علمنا معايير قياس السعادة فسنعرف أننا نستحق هذا الترتيب إذ جاءت المعايير تقيس الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد ومتوسط العمر المتوقع والعطاء الخيرى والدعم والمساندة التى يحصل عليها الفرد من الأصدقاء والأقارب وحرية اتخاذ قرارات حياة الفرد المختلفة، وأخيراً قياس مستوى الفساد فى الدولة على كافة المستويات الحكومية والخاصة؛ أما أقلّ الدول سعادة على الإطلاق فكانت سوريا ثم تنزانيا وجمهورية إفريقيا الوسطى.

وواضح أن الحروب والفقر والاحتراب الداخلى أوْدى بترتيب هذه الدول لتستقر فى قاع الترتيب.

ألا يدعونا هذا الموقع المتدنى بين دول العالم أن نفكر جدياً فى إنشاء وزارة السعادة؟

[email protected]