رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

العقوبة البديلة.. لها ألف فائدة وفائدة.. أولاً نحمى الآلاف من صغار السن من دخول السجن وتحويلهم فى شهور قليلة إلى مجرمين بحق وحقيقى.. ثانياً توفير عشرات الملايين من الجنيهات سنوياً، فى الإنفاق على مساجين من أكل وشرب وملابس، هذا بخلاف نفقات تجهيزات السجون، وزيارات الأهل للمساجين.. ثالثًا الاستفادة من المحكوم عليهم فى قضايا الجنح وأصحاب الجرائم الأولى فى الخدمة العامة.. نظافة شوارع، والخدمة فى المستشفيات، المدارس، رفع زبالة، محو أمية.. هذا غير استغلال المهنيين منهم فى البناء، والزراعة والصناعة والحرف الأخرى.. بدلًا من بطالتهم داخل السجون والإصلاحيات، والإنفاق عليهم، والحكاية أصلاً ليست ناقصة زيادة إنفاق لا من الحكومة ولا من الأهالى الذين ينفقون عليهم دم قلبهم طوال فترة الحبس.. يعنى سجنً وخراب ديار!!

ويجب ألا ننتقم من صبية أو شباب، صغار السن لمجرد أنهم أخطأوا للمرة الأولى، وارتكبوا بعض الحماقات التى لا تكون لها آثار سلبية كبيرة على المجتمع أو الأفراد.. لا أقول مثلاً تطبق العقوبة البديلة على من يقتل عن عمد أو يسرق بالإكراه أو يحرق أو يسطو على البنوك حتى ولو كانت جريمته الأولى.. ولكن هناك جرائم، مثل جريمة الشاب هاكرز فرشوط، لا تحتاج إلى خسارة كل هذه التكاليف، وإضافة مجرم جديد كل ساعة.. وإذا كانت جريمة مثل القتل الخطأ، كما تنص المادة (238) من قانون العقوبات فى حوادث السيارات وغيرها، لو ثبت فعلًا أن الجانى ارتكبها بدون أى نية أو قصد، لا يحكم عليه أكثر من ثلاثة شهور وغرامة (200 جنيه).. وفى مرات كثيرة لا يعاقب الجانى بيوم واحد فى السجن ويكتفى القاضى بالغرامة.. فبالأحرى عدم حبس حدث فى الإصلاحية، أو إلقاء شاب فى السجن بسبب جريمته الأولى، سواء كانت سرقة أو «نشل» أو فى الجرائم الإلكترونية..!

والعقوبة البديلة عندما طبقها الرسول الكريم قبل (1440) سنة على الأسرى، طبقها عن حاجة ضرورية، وهى تعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وبذلك عاقب الأسرى بالتفرغ للعمل العام، بدلًا من الانتقام منهم بالقتل.. وحتى لا يخسر أسرى متعلمين يمكن أن ينضموا لصفوف المسلمين مستقبلاً، امتنانًا وعرفانًا برحمة هذا الدين الجديد وحكمة رسوله.. وكذلك يكسب مسلمين جدداً متعلمين.. ومسلم متعلم أفضل مائة مرة من مسلم جاهل.. ونحن أكثر احتياجًا للآلاف من المتهمين المتعلمين خيرًا من المساجين العاطلين!

ولا شك أننا فى أشد الحاجة إلى كل جنيه، ينفق فى غير موضعه، والسجون واحد من هذه المواضع.. وفى تقرير الأمن العام الأخير الذى أصدرته وزارة الداخلية، بعد توقف سنوات طويلة، حول عدد القضايا الجنائية والجنح وأخرى فى عام «2017»، كشف التقرير عن ضبط مرتكبى 12527 جريمة سرقة، منها 4093 قضية سرقة مسكن و2409 قضايا سرقة متجر، و1478 قضية نشل وفى قضايا ومخالفات متنوعة أخرى، وضبط 191290 قضية تموينية، و21235 قضية أحداث، و15348 قضية مصنفات فنية، و569222 مخالفة بيئية متنوعة، و1743992 مخالفة مرافق متنوعة، و1830 قضية اتجار فى الألعاب النارية.. وإذا قمنا بتصفية هذه القضايا، التى هى فى النهاية لمتهمين ما بين صغار السن، والشباب، وأصحاب الجريمة الأولى، فإن أعدادهم ستظل بعشرات الآلاف.. تصوروا استغلال هذه الآلاف فى محو الأمية ونظافة الشوارع وخدمة المرضى فى المستشفيات.. بطريقة آدمية ومحترمة وبدون إهانة وإهدار لكرامتهم بدعوى أنهم مجرمون.. لأن القصد من العقاب هو إعادة تأهيلهم وتعزيز انتمائهم الوطنى والإنسانى، وليس القصد الانتقام منهم.. فلا شك أن العقاب يختلف عن الانتقام.. ويعرف الآباء بالغريزة كيف يعاقبون أبناءهم على أخطائهم، وغالبًا تكون درجة العقاب بحجم الخطأ، وطبعًا ليس بالضرورة أن يكون العقاب ضرباً.. وكما قالوا الحر تكفيه الملامة، واللبيب بالإشارة يفهم.. والكثير من المجرمين تكفى الملامة والإشارة بالعقوبة البديلة فليس بيننا وبينهم ثأر للانتقام منهم بإيداعهم السجون والإصلاحيات!!

 

[email protected] com