رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

صحيح أن الكثير من مظاهر القبح تحاصر الكثير منا وتضيق علينا الخناق ويندفع البعض للانتحار أحياناً تعبيراً عن تمرد الأرض على السماء، ولكن وفى ذات الوقت لولا الجمال وروعة الإحساس به لتحولت الحياة كما يقول الأستاذ أنيس منصور إلى إسطبل كبير.. وبين الجمال والقبح دعونا نتأمل أسطورة إغريقية تقول «إن فتاة جميلة رفضت شاباً غنياً أن يكون زوجاً لها.. وظل يطاردها وتهرب منه حتى انفرد بها وقرر أن يقتلها.. فطلبت إليه أن يمهلها بعض الوقت لكى تسوى شعرها وترسم شفتيها وتصبغ أظافرها وتضع بعض العطور فى صدرها ووراء أذنيها وبين أصابع قدميها - ثم قالت له - تعال واقتل أجمل امرأة فى الدنيا.

ولما اقترب منها قالت له.. ولكنى لا أحب أن يكون قاتلى قذر الأظافر والأسنان، وأن تكون لحيته منكوشة، ولا أن تكون رائحة عرقه مثل رائحة الأغنام.. اذهب واستحم وارتدى أحسن ملابسك لتكون أنت آخر شىء أراه فى هذه الدنيا.

وذهب الشاب وعاد إليها أنيقاً ونظيفاً ومشرقاً، قالت له.. الآن تستطيع أن تقتلنى، ويسعدنى أن يكون قاتلى هو الرجل الذى أحبنى حتى الموت.. حتى موتى أنا.. ولو كنت أعلم أن أصابعك بهذا الجمال لتزوجتك.. لم أتصور أن أصابعك رخامية ناعمة وأظافرك أكثر لمعاناً من عينيك.. ولكنى لم أرك.. أما الآن فأنا شديدة الندم على فقدك.. وتمددت على الأرض وأغمضت عينيها وهب النسيم ليكشف ثوبها ويداعب شعرها.

رآها الشاب أجمل وأروع مما تخيل، فألقى بالسيف بعيداً وراح يقبل يديها وقدميها، نهضت الفتاة وقالت.. الآن عرفت لماذا لا أتزوجك.. ولماذا ما كان ينبغى أن أتزوجك.. إننى لا أتزوج رجلاً لا يشعر بجمالى إلا إذا دللته عليه.. إننى لا أتزوج رجلاً أعمى وأكون أنا الذى فتحت له عينيه.. أنت لم ترن ولذلك لم تحبنى.. وإنما أنت أردت أن تمتلكنى وتتباهى بذلك بين أصدقائك.. لقد كنت على حق يوم رفضتك.. وكنت أنت على غير حق يوم امتنعت عن قتلى.. عد إلى كلابك وخيولك وأغنامك فأنت لا تصلح إلا أن تكون راعياً للحيوانات.. دنياك هى المراعى والمستنقعات والزرائب وسوق البهائم، ودنياى هى الجمال والحب والرحمة».

إلى هنا انتهت الأسطورة الإغريقية لتترك لنا مساحات كبيرة لتأمل المعانى الكبيرة للحب والحرية والجمال.. الحب الحقيقى فروسية مشاعر وعقل وسمو فوق الذات وحالة عناق لا تنقطع لمن نحب.. الراعى فى الأسطورة الإغريقية ليس عاشقاً ولا محباً ولا فارساً.. إنه ليس أكثر من لص عاطفى.. قاطع طريق الحرير الإنسانى الجميل.. هذا الراعى مجرم حرب وليس شاعر حب.. مزور عاطفى وجلف يكتب الشعر بالنبوت ويصطاد العصافير بالصواريخ.. لو لم يكن الراعى إنساناً بالإساس عاشقاً للحياة فإنه لا يكون جديراً بقيادة قطيع من الغنم.