رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

أصبح من المعلوم من الأمور بالضرورة أن تنطوى مؤتمرات الشباب على فقرة ثابتة عن الحياة الحزبية، تكرر دون ملل نفس الكلام والأفكار السابقة التجهيز، دون بذل أى جهد للتحقق، ليس فقط من مدى دقتها، لكن أيضا من مدى جدوها. «كلام ساكت» هكذا يصف الأشقاء السودانيون الكلام الذى لا معنى له. ومعظم الكلام الذى أذيع فى الدورة الخامسة للمؤتمر الوطنى للشباب فى القاهرة عن الحياة السياسية والحزبية هو من نوع الكلام الساكت الذى تم الرد عليه كثيرا، دون أن يعتنى أحد بالتمعن فى تلك الردود، ودحضها بمنطق بديل ومقنع، حتى لا نبدو وكأننا نؤذن فى مالطا.

مرة أخرى يجرى الحديث على ألسنة بعض الشباب عن وجود أكثر من مائة حزب فى مصر لا يعرف أحد أسماءها، ومطالبته بتشريع لحل الأحزاب التى تفشل فى الحصول على أى مقعد فى البرلمان، محملاً الحياة الحزبية المسئولية عن ذلك، ومطالباً بالدمج بين بعضها البعض وبوجود ظهير سياسى للنظام القائم، ربما لتكرار الصيغة التى بدأ بها الرئيس السادات إعادة الحياة الحزبية عام 1976، والتى أراد لها أن تكون ثلاثة أحزاب أحدها لليمين والآخر لليسار والثالث للوسط ينطق باسم الحكومة، على أن يتولى قانون الأحزاب، وقانون الطوارئ والإجراءات الإدارية السائدة التحكم فى مسار التجربة لتصبح وردة على سترة النظام يتباهى بها بالديمقراطية أمام نقاده الغربيين. لكن التجربة تمكنت برغم ذلك من الإفلات من بعض القيود، والقيام بالواجبات الذى يمليه عليها وجودها بالمراقبة والمساءلة وتقديم حلول بديلة للسياسات القائمة، وأنجزت على صعيد التطور الديمقراطى، البطيء بطبعه، والتراكمى بالضرورة، عددا لا يستهان به من الإجراءات التى وسعت من نطاق الحريات الديمقراطية، بينها تعديل قوانين التصويت والانتخاب، وإنشاء الأحزاب، ومكافحة الإرهاب، وحريات الرأى والتعبير وإصدار الصحف ووسائل الإعلام، وإدراج بعضها فى كافة التعديلات الدستورية التى تمت خلال الأربعين عاماً المنصرمة.

ومع أن الرئيس السيسى رد ضمناً على تلك الآراء التى تنطوى فى الحقيقة على استخفاف من فكرة الحزبية ذاتها، مؤكداً أن أحزاب المعارضة جزء من الدولة بترحيبه بالتنوع فى أشكالها، وتوصيته بالاستماع إلى أفكارها، إلا أن ذلك لا يمنع من بعض التساؤلات، وبينها كم شاباً من شباب الأحزاب يتم اختياره فى البرامج الرئاسية للتدريب على القيادة ؟وما هى معايير الأختيار التى تبدو فيما نرى من النماذج المشاركة، محدودة وضيقة ويجرى التحكم فيها؟ وما هو نوع البرامج التثقيفية فى تلك البرامج التى تقنع هؤلاء الشباب انفسهم بأهمية العمل الحزبى، وتعرفه بمهام الأحزاب السياسية المعارضة؟

أما الأهم من كل ذلك، هو أن تقتنع السلطة التنفيذية بضرر مثل تلك الأفكار، على التطور السلمى الديمقراطى فى البلاد، لأنها فى الواقع تشجع الأغلبية الصامتة الجالسة على الكنبة على البقاء فى موقعها، الذى يدير الظهر للاهتمام بالشأن السياسى. ولكى يعرف الناس الأحزاب يجب أن يتاح لها المجال العام للحركة لتعريفهم ببرامجها، ولإقناعهم بالسياسات البديلة التى تطرحها، ولحفزهم على الانضمام إليها، لتشكيل رأى عام قوى، يتسم بالنضج ويشارك بفاعلية فى الشان العام، لتصبح ظاهرة المستقلين فى الحياة السياسية والنيابية هى الاستثناء لا القاعدة لأن قوة الحزب فى الدفاع عن مصلحة المواطن، أقوى من دفاعه عنها منفردا. آنذاك فقط يستطيع المواطنون أن يتعرفوا على الأحزاب القائمة ويميزوا بين برامجها، ويحددوا موقفهم منها فى كل الانتخابات على ضؤ تلك المعرفة.

العيب ليس إذناً فى كثرة الأحزاب، بل فى غياب هذا المنهج فى التفكير عن ذهن السلطة التنفيذية، ومع استمراره، سنظل نؤذن فى مالطة.