رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بسبب حالة التشبع من الكتب لم تكن حصيلتي من معرض القاهرة الدولي للكتاب الأخير، سوى خمسة كتب من بينها هذا الكتاب الصادر عن المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة تحت عنوان " الصدام بين الشرق والغرب .. الممرات المسدودة القاتلة"  ورغم أن الكتاب صدرت ترجمته العربية عام 2010، وترد عليه ملاحظات عديدة من حيث تناوله لموضوعه أو ترجمته، إلا أنه يثير العديد من الشجون بشأن ما آل إليه حالنا في عالمنا العربي، على النحو الذي يطرح التساؤل عما إذا كان الإنسان العربي عصيّا على مسايرة تطورات الحياة والتقدم.

من بين الأسئلة الرئيسية التي يطرحها مؤلفا الكتاب، وأظنها ترد على ذهن كل عربي مهتم بمستقبل أمته : هل محكوم على العالم العربي العيش في العنف أو تحت وطأة الحكم التسلطي؟ هل غياب الديمقراطية وغياب حقوق الإنسان في العالم العربي قدر مكتوب؟ ورغم تأكيدهما على أن الإجابة بالنفي وأن هذا الغياب للديمقراطية هو نتيجة مباشرة لأحداث متعاقبة وعوامل داخلية وخارجية، إلا أنهما يلخصان جانبا من الأزمة فيما ذهب إليه غسان سلامة الوزير اللبناني السابق في إحدى الندوات، حينما راح يؤكد على صعوبة أن يتم إقامة ديمقراطيات في العالم العربي عندما يكون كل الديمقراطيين العرب في السجون أو في المنفى.. أو بتعبيره أننا نعيش ديمقراطيات بلا ديمقراطيين.

ويقدم المؤلفان هنا نماذج يشيران من خلالها إلى أن الحكام العرب لا يترددون في التصفية الجسدية لخصومهم أو إبعادهم عن أسرهم وأقاربهم دفاعا عن بقائهم في السلطة، مشيرين إلى نماذج الحسن الثاني المغرب والملك حسين الأردن، وحافظ الأسد سوريا.. وأبرز مثل على ذلك اختطاف المعارض المغربي اليساري المهدي بن بركة من قلب باريس على يد نظام الحسن واغتياله بطريقة سرية. 

وضمن سياحتهما على الواقع العربي المأزوم يشير المؤلفان إلى حال الإعلام فيؤكدان على أن النجاح الساحق لقناة الجزيرة، إنما هو في الحقيقة يعكس ما يصفه بالتناسب العكسي للفقر الإعلامي على القنوات العربية العامة والتي تخضع دائما لرقابة الحكومة والتليفزيونات الوطنية التي تجد صعوبة في التطور، حيث ليس هناك مجال لنقد الزعماء في السلطة أو توفير المجال لظهور المعارضين وحسب وصفهما فإن نشرات الأخبار تتعامل بصورة لا تتغير .. كل فعل وكل كلمة للرئيس أو الملك لها الأولوية. ويقدمان مثالا ساخرا في هذا الصدد أن التليفزيون الرسمي المغربي خصص عشر دقائق للقاء الملك محمد السادس مع رئيس بونجو والذي كان مارا بالمملكة!!

ومع المضي في قراءة الكتاب، يتبين لك أن الربيع العربي ربما كان ضرورة حتمية، وأنه ليس كما يحاول البعض تصويره مؤامرة كونية، رغم أن ذلك لا ينفي إمكانية استغلاله من الخارج، وهذا طبيعي في إطار أن السياسة بلا أخلاق وأن الكل يتحين الفرص لتحقيق ما يريد. وعلى ذلك مثلا يقول المؤلفان - ومادة الكتاب منشورة بلغتها في 2009 أي قبل موجة الثورات العربية - إن التاريخ المعاصر يظهر أن الاستمرار على الوضع الحالي يمكن أن يؤدي إلى انتفاضة مدمرة من الممكن أن تؤدي إلى تغيير في الأنظمة العربية. رغم تحذيرهما من نتائج مثل هذا المسار بالإشارة إلى أن الثمن سيكون العنف المسلح والخسارة في الأرواح وأن هذا السيناريو من الممكن أن يساعد الإسلاميين ويتسبب في فجوة مع بقية العالم بصورة عامة ومع الغرب بصورة خاصة.

ويخيل إليك مع مواصلة قراءة الكتاب، وكأن المؤلفين يقرآن المستقبل، رغم أن الأمر ليس كذلك وإنما الحقيقة هي أن حاضرنا العربي هو مستقبلنا وقد يكون هو ماضينا .. لا فرق ولا تغيير.. فيشيران إلى أنه وسط هذا المناخ يزدهر الإرهاب فتلجأ السلطات إلى الحد من الحريات في مواجهة الإرهاب، باعتبار أن الأولوية للاستقرار والأمن ويتم مصادرة الفضاء العام دون أي تردد في سياق الحرب على الإرهاب، ويقدمان مثالا معبرا هنا من الحالة الأردنية! وفي الختام فإن النتيجة التي يخلص إليها المؤلفان أن تأخر العرب ليس قدرا محتوما وإنما الأمر مرهون بقدرة شعوبهم ورغبتهم في الخروج من هذه الحلقة الجهنمية من التردي وتفاصيل ذلك أمر يتجاوزه المكان.

[email protected]