رؤية
فى «عصر العلم» كما أطلق عليه عالمنا العالمى الراحل دكتور أحمد زويل نتابع ما يحدث فى جامعاتنا موطن العلم والعلماء بأسى شديد، حالة من الاستسهال والتلفيق والانفلات من العمل العلمى الجاد، بعد أن اكتفينا أن يكون لدينا مجموعة من العلماء تعمل فى جزر منعزلة.. وظلت جامعاتنا دون منظومة لإدارة التطوير، وافتقاد قاعدة علمية قابلة لأن تتسع حلقات إنتاجها لتشمل كافة مناحى العلم والمعرفة، وبات توصيف حال الواقع العلمى لمؤسساتنا العلمية والبحثية بشكل عام يشير إلى الاكتفاء بدور المستهلك لعلوم الغرب ومنجزاته الفكرية، ولا انشغال بالتفكير فى إنتاج علمى وبحثى مصرى وعربى باسمنا.
الآن، السؤال الذى بات مطروحاً بقوة لماذا تتزايد ظاهرة السرقات العلمية بهذا الشكل الذى يهدر كل محاولات السعى إلى تحقيق ما نتحدث عنه حول ضرورة الالتزام بالقيم والأعراف الجامعية، وبما تشكله تلك السرقات من رسم ملامح الشك والريبة حول مدى الإعداد العلمى للمدرسين والأساتذة فى المعامل ومواقع الدرس والتعليم من الحاملين لشهادات الماجستير والدكتوراه المشكوك فى نسبها العلمى الخالص لهم، وانعكاسات ذلك على مدى نجاح العملية التعليمية وتشكيل أنساق قيمية رفيعة وسامية داخل الحرم التعليمى.
لقد طالب البعض بالاستفادة من بعض تجارب الجامعات البريطانية، وأظنه يشير إلى تجربة جديرة بالدراسة، فبعد أن واجهت الجامعات البريطانية مخاطر تدهور مستوى طلابها وبعض أساتذتها حيث اتهم الكثير بالغش وسرقة أبحاث وأفكار آخرين من خلال شبكة الإنترنت، فكان أن عقد رؤساء كبريات الجامعات البريطانية أخيراً اجتماعاً بحثوا فيه سبل مكافحة تزايد ظاهرة الغش من الإنترنت، بعد أن تزايدت ظاهرة سرقة أبحاث الآخرين ما يهدد مسيرة تطور الجامعات.
اتفقت الجامعات البريطانية الكبرى مثل أكسفورد وكامبريدج على تشكيل لجنة مشتركة للتوصل إلى تعريف يحدد بدقة الوصول إلى مرحلة توجيه الاتهام بالغش وسرقة الملكية الفكرية، فبعض الجامعات البريطانية طالبت بتوجيه الاتهام لمن يقوم بسرقة الملكية الفكرية للآخرين إذا ما تبين قيامه بلصق عشر كلمات فى بحثه تتشابه بصورة طبق الأصل من عشر كلمات موجودة فى بحث منشور على شبكة الإنترنت، فى حين طالبت جامعات أخرى بتوجيه الاتهام بالغش فى حال تبين أنه اقتبس ثلاث جمل من بحث آخر.
فهل من وقفات لتدارس الأمر بجدية وحلول واقعية يا مجلسنا الأعلى للجامعات.. الحكاية خطيرة ورائحتها زاعقة ومخيفة.