رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

 

 

قبل ثلاثة أيام يكون قد مر 99 عامًا  بالتمام والكمال على ميلاد الرئيس الراحل أنور السادات، مرت ذكرى ميلاده دون إشارة من الاعلام الذى انشغل كثيرًا بذكري وفاة الفنان فريد الأطرش، وكأنَّ «السادات» بجلال قدره وعظمة شأنه لا يرقَى لمستوى الأطرش، وغيره من الفنانين وأشباههم..!!

في 25 ديسمبر عام 1918 كان ميلاد «السادات»، في قريته ميت أبوالكوم بالمنوفية.. واختار «السادات» ذكرى يوم ميلاده ليكون موعداً للقاء مناحم بيجين، رئيس حكومة إسرائيل، في الإسماعيلية يوم 25 ديسمبر عام 1977، وبدأ معه أول مباحثات مصرية- إسرائيلية مباشرة، بعد زيارته التاريخية للقدس بحوالي شهر، يومها قال «السادات» لزوجته السيدة «جيهان» فى استراحة الاسماعيلية، بعد انصراف «بيجين» ومرافقيه: اليوم وُلِدتُ من جديد، وأثبتُ لنفسى أننى قادر على التعامل مع اليهود الصهاينة. وكشف «السادات» لزوجته انه اختار اليوم 25 ديسمبر ليبدأ التحدى، وقد كان له ما أراد، رفض خطة عرضها «بيجين» عليه لإقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ لأنَّها لا تفي بالحقوق الثابتة والمشروعة للفلسطينيين، بل وأقنعه بضرورة أن يكون حق الفلسطينيين أساس أى حل قادم.. ولعل ذلك ما دفع «السادات» لأن يُعلِن على الملأ فى حديث له فى25 ديسمبر عام 1978فى ذكرى ميلاده، أنَّ السلام قادم بالتأكيد، ولن نعود مطلقاً إلى حالة اللا سلم واللا حرب مرة أخرى، ولن تستطيع إسرائيل أن تفلت بالأرض العربية، مهما تلكأت وناورت.. ولسوف يتحقق السلام في الشرق الأوسط إنْ عاجلًا أو آجلًا.. وفى مباحثات «كامب ديفيد» فى سبتمبر 1977، دعا الرئيس جيمى كارتر إلى أول اجتماع ظنَّ أنَّه سيكون فاتحة خير بين «السادات» و«بيجين».. فى الاجتماع أحكم «السادات» نظارته السوداء على عينيه، وشرع في قراءة مشروعه للسلام، وبجانبه جلس «بيجين» صامتاً كأنه حجر، و«كارتر» ينصُت بإمعان وتركيز شديد، وفجأة سأل «كارتر» «بيجين» عما إذا كان يستطيع القيام بعمل عظيم يتساوى مع زيارة «السادات» التاريخية للقدس، فأجاب «بيجين» وكأنه حضَّر للإجابة من قبل، وقال إنه باستقباله الحار لـ«السادات» وترحيب إسرائيل به قد قام هو وشعبه بالعمل المطلوب، ثم أضاف مُتهكِماً: لقد كُنَّا نُرحِب بالرجل الذي تظاهر بالقيام بمناورات الخريف الروتينية، ثم تعمد الهجوم علينا في اللحظة التي يعلم فيها تماماً أننا جميعاً في المعابد، فرد عليه «السادات» قائلاً إنَّ ذلك كان خِداعاً استراتيجياً، فاستشاط «بيجين» من الغيظ وقال بحِدَّة إنَّ الخِداع هو الخِداع، وانفضَّ اللقاء الأول دون نجاح، وخرج «السادات» إلى نزهة في ضواحي «ميرلاند» لكي يهدأ، وفى المساء كان أعضاء الوفود الثلاثة يتناولون عشاءهم معًا، في الفناء تحت ضوء القمر، وتبادلوا الدعابات ويتناولون المشروبات، أما «كارتر» و«بيجين» و«السادات» فقد تناول كلٌ مِنهُم عشاءه على انفراد، وهم يفكرون في الفشل الذي لحق باللقاء الثلاثي.. وفى اليوم التالى التقى «السادات» «كارتر» فى الكُشك الخشبى الذى يقيم فيه فى «كامب ديفيد»، وقال له إنَّه لن يستطيع أن يُوقِّع على اتفاق لا يضمن لكل العرب حقوقَهُم، وقال له أنا لن آتى إلى هنا للتفاوض على حل منفرد، إنَّما جِئتُ لوضع اطار عام للتفاوض والحل، وأصرَّ على أن يَنُص فى اتفاق «كامب ديفيد» على أُسُس تضمن للفلسطينيين والعرب حقوقهم، وفى مساء 7 سبتمبر عام 1977، وبعد أنْ تم الاتفاق على بنود اتفاقية «كامب ديفيد»، رُفِعَت كؤوس النبيذ ليشرب الجميع نخب الاتفاق، فاعترض «السادات» ضاحكاً عندما قدَّم له عزرا وايزمان النبيذ، وقال له- مازِحًا- إنني مسلم ولست كافراً مثلك، فأحضروا لـ«السادات» كأساً من عصير البرتقال. ودقَّت الساعة الخامسة والنصف، وكان  «كارتر» يجلس مُنهكاً إلى مائدة عشائه، وظهره للنافذة، منحنياً من فرط الإرهاق، وصوت «السادات» يُجلْجِل وهو يضحك طالباً من الحضور الانصراف، حتى ينام الرئيس المُنْهَك جيمى كارتر، وخرج متوجهاً إلى الكشك الخشبى المخصص لإقامته، وهو ممسك بعصاه الشهيرة، ويهش بها فى الهواء، وكأنَّه يهُش على غنَمِه، لو سمع الفلسطينيون والسوريون لـ«السادات»، بدلًا من اتهامه بالعمالة والخيانة، لنالوا حقوقهم التى صارت نسيًا.

سلام على «السادات» العظيم يوم ولِدَ، ويوم مات ويوم يُبعَثُ حيًا.

[email protected]