رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

بين الحين والآخر أسأل نفسى: لماذا أعود مرارا وتكرارا الى قراءة كتاب جون بيركينز «اعترافات قاتل اقتصادى»؟.هل لكرهى الشديد للدور الذى يلعبه البنك الدولى والمؤسسات الاقتصاية العالمية فى تدمير الشعوب؟ فكما يقول المفكر «نعوم تشومسكى»: لا يمكن الحديث عن البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ودورهما فى تدمير الشعوب وإبادتها، دون الحديث أيضاً عن منظمة أخرى لتضافر جهودها فى التدمير لصالح اثرياء الرأسمالية مع جهود المؤسستين السابقتين وهى: «منظمة التجارة العالمية». فإن قواعد منظمة التجارة العالمية تخدم مصالح الشركات العابرة للقومية وشعوب البلدان الغربية، وليس الشعوب فى البلدان النامية. ومبدأ منظمة التجارة العالمية المتعلق بعدم التمييز فى المعاملة، هو فى صالح الشركات بصورة كبيرة. ويعنى المبدأ ضرورة أن تلقى الشركات الأجنبية المعاملة نفسها التى تلقاها الشركات المحلية، وغير مسموح للحكومات بالتمييز لصالح الشركات المحلية. وهذا المبدأ له الأسبقية على المصالح الوطنية مثل الحاجات التنموية والآثار الاجتماعية الاقتصادية والظروف البيئية، وحتى التشريعات؛ ويأتى تنظيم مصالح المواطنين فى المرتبة الثانية بعد تحقيق نمو السوق الحرة؛ الى جانب الهَوَس بتحرير التجارة بأسلوبٍ يعزّز أرباح الشركات. وهذا ما يؤكده كتاب جون بيركينز من أن القتلة الاقتصاديين المحترفين والذين يتقاضون أجراً عالياً لخداع دول العالم عبر ابتزازها تريليونات الدولارات، محولين الأموال من البنك الدولى ومن الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية ومن منظمات «مساعدات» أجنبية أخرى، كى تصب أخيراً فى خزائن الشركات الضخمة وجيوب قلة من الأسر الغنية المتحكمة فى موارد الأرض الطبيعية. ويتم هذا بتشجيع زعماء العالم على الوقوع فى شرك قروض لابتزازهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا. وفى الحقيقة أن العولمة الاقتصادية تخلق الثروة، ولكن للنخبة فقط من الذين يستفيدون من موجة عمليات الدمج والاندماج والتكنولوجيا على النطاق العولمى والنشاط المالى (المضاربة على العملات بطريقة تقرب من لعب القمار) فى «اقتصاد الكازينو». فالمد المتصاعد للتجارة الحرة والعولمة (الاقتصادية) يعتقد البعض أنه سوف يؤدى إلى «انطلاق كل القوارب»، وفى النهاية يضع حدا للفقر. ولكن خلال نصف قرن منذ بدأ هذا المد الكبير، والعالم يعيش المزيد من الفقر أكثر من أى وقت مضى، وأوضاعه تزداد سوءا. وتشير تقديرات اليونيسف إلى أنه فى كل ساعة يموت 1000 طفل من أمراض يمكن الوقاية منها بسهولة، وتقريبا يموت ضعف عدد النساء أو يعانين من إعاقة خطيرة أثناء الحمل أو الولادة بسبب عدم وجود الرعاية أو العلاجات البسيطة. ومنذ فترة استشهد المقرر الخاص «لياندرو ديسبوى» فى التقرير النهائى المقدم إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتوصيف منظمة الصحة العالمية للفقر المدقع، بأنه القاتل الأكثر قسوة فى العالم، وأكبر سبب للمعاناة على وجه الأرض: لا مرض آخر يُقارن بدمار الجوع الذى تسبب فى المزيد من الوفيات فى العامين الماضيين أكثر من عدد الذين قتلوا فى الحربين العالميتين معا. لوضع حدّ لهذه المأساة، فإن تخفيض 10٪ فقط من الإنفاق العسكرى الأمريكى سيكون كافيا. وفى الحقيقة لم تخلف السياسة الأمريكية بكل مؤسساتها السياسية والاقتصادية فى كل أنحاء العالم سوى الدمار والخراب. وتوجه كل شيء لخدمة مصالحها الاقتصادية والسياسية ؛ فكما يقول المثل الشعبى: «الحداية لا تقذف كتاكيت».. وما زال البنك الدولى يعمل على تعميق تبعية اقتصاد دول العالم الثالث للدول المتقدمة؛ وفى النهاية نحن فى حاجة الى الابتعاد قدر الإمكان عن تلك التبعية والابتعاد عن الاقتصاد المعتمد على نظام المقامرة.