رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

 

فى فهمنا لمسائل الإيمان والكفر، أنها تدور حول عقيدة الفرد وما يضمره فى نفسه من أفكار ومعتقدات دينية، أو لا دينية، حسبما يتراءى له. وفى المجتمعات الغربية، وتلك التى تسير على دربها فى الأخذ بحرية العقيدة، نجد ان الإحصاءات تكشف عن وجود نسب لا يستهان بها من الأفراد الذين لا يعتنقون أى دين. وهذه النسب آخذة فى الازدياد، هذا فى الوقت الذى تتزايد فيه على الجانب الآخر درجات التعصب المتطرفة للأديان المختلفة.. ولكن هل يعنى ذلك أن هؤلاء اللادينيين يناصبون معتنقى الأديان العداء. بالقطع لا، لأن كلا الجانبين يحترم حرية الآخر فى اختيار معتقده، وتظل مسألة العقيدة سراً خالصاً بين الإنسان وخالقه لا يستطيع أحد أن يكشف حقيقتها أو يسبر أغوارها. 

نقول هذا الكلام فى مناسبة الأعمال الإرهابية التى ابتليت بها منطقتنا العربية فى السنوات الأخيرة، من العراق إلى سوريا إلى الجزائر وليبيا، وأخيراً مصر. وترتدى هذه الأعمال مسوح الدين فى محاولة لتبرير أعمالها الإجرامية، ولكن الأديان، كل الأديان على اختلافها براء من هذا الارهاب. إلا أن الملاحظ انه فى أعقاب كل عملية إرهابية تتجه الأنظار إلى الأزهر الشريف كى يتخذ قراراً بتكفير مرتكبى العملية. ويشتد الإلحاح فى هذا المطلب من الأزهر مع كبر حجم العملية الإجرامية التى ارتكبت وقت الطلب. ومثال على ذلك المذبحة التى ارتكبت هذا الأسبوع فى مسجد الروضة بشمال سيناء وراح ضحيتها ٣٠٥ أشخاص بينهم ٢٧ طفلاً، وإصابة ١٢٨ آخرين. إن بشاعة العمليات الإرهابية وارتكابها بدم بارد لقتل أبرياء لا ذنب لهم سوى وجودهم فى مكان ارتكاب الجريمة، تتجلى على نحو خاص حينما ترتكب فى بيت من بيوت الله، سواء كان كنيسة أو مسجداً. ولا علاقة لهؤلاء الإرهابيين بأى دين. انهم يتخذون الدين ستارا يخفون وراءه نزعاتهم الشيطانية. ويقف الأزهر موقفا مجردا ينأى فيه عن تكفير أية جماعة مسلمة فى الوقت الذى يدين فيه عملياتها الإجرامية بأشد العبارات. وفى الواقع فإننى لا أفهم تماماً إحجام الأزهر عن تكفير هذه الجماعات المارقة، وديننا الحنيف يقول إن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً. وهؤلاء الأشرار قتلوا الناس جميعا مرات ومرات. وقال تعالى فى كتابه الكريم: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) «٩٣ النساء»، وفى الحديث الشريف يقول الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه (من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا). رواه مسلم، اذاً هؤلاء المجرمون ليسوا منا وقد باءوا بغضب من الله ومأواهم جهنم خالدين فيها، فماذا بقى لهم؟ ان ننعتهم بالكفر، ان ما قاموا ويقومون به من فظائع يفوق كثيرًا جريرة الكفر. فقد يكتفى الكافر بما ابتلى به ويلزم حدوده دون ان يلحق الاذى بالناس. ولكن الإرهابيين لا حدود لما يحملون من شر وأذى للبشر، كل البشر. انهم أسوأ من الكفار.

وإذا نحينا دافع الدين جانبا، فإن استهداف شبه جزيرة سيناء بالأعمال الإرهابية تقف وراءه دوافع أخرى وقوى خارجية لم تعد نواياها خافية. وكان آخر ما صدر من تصريحات فى هذا الصدد، ما قالته جيلا جملييل وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية عن أن أفضل مكان للفلسطينيين لإقامة دولتهم هو سيناء. وكان ذلك أحدث تصريح فى سلسلة تصريحات تدور حول نفس الفكرة. فهل ننتبه؟