عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

الزمان.. 20 نوفمبر.. من يومين يعنى، الحالة.. تعبانة قوى.. ألم عظام مبرح فى الجانب الأيمن.. مش قادرة أمشى.. صبرت نفسى وقلت.. ده طبيعى انطلاقاً من الهلاك اليومى فى الحياة ومن تقدم السن.. ومن الأغذية التى بلونا بها وفقدت كل فيتاميناتها ومن الألبان والأجبان المليئة ببودرة سيراميك ونشا وأشياء أخرى قاتلة تفتت عظام ولو أقوى رياضى فى العالم، الجيب.. حالته لا تقل يأساً عن الحالة الصحية بسبب مسئوليات الأولاد ومتطلبات الحياة اللى ولعت نار، ولأننا فى التلت الأخير من الشهر، رغم ذلك قررت التفاؤل، فالشمس ساطعة فى شتاء المحروسة الدافئ، والنيل لسه بتجرى فيه المياه رغم أطماع إثيوبيا فى حصتنا ببناء سدها، والناس.. بعضها لسه بيبتسم وبيسمع أغنية حلوة فى «زنقة» الأتوبيس أو الميكروباص أو حتى فى العربية «الكحيانة» اللى أوشك بنزينها على النفاد.

المهم إنى قررت التفاؤل والانتصار لطبقتى المتوسطة «التى ما عادت متوسطة مع تواصل موجة الغلاء» وتوجهت فى شجاعة أسد إلى مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحى بالدقى، فى الواقع ما كنت أفكر يوماً منذ أن عدت لمصر قبيل ثورة 25 يناير، ما كنت أفكر أن أتوجه لمستشفى تأمين صحى لفرط ما سمعته وقرأته وأيضاً كتبته عنها فى سنوات مضت، وكانت حالة جيبى تسمح لى مع أى وعكة صحية أتوجه لأى مستشفى استثمارى.. وقد ولى هذا الزمان بعد أن طارت مدخرات كل سنوات الغربة، ومع تصريحات وزير الصحة والسادة المسئولين حول تحسين منظومة الصحة وخاصة التأمين الصحى، تفاءلت خيراً وتشجعت، وعملت بطاقة التأمين، وحصلت على خطاب تحويل من الجريدة إلى طبيب عظام.. وليتنى ما فعلت وربنا يسامحه اللى نصحنى بعمل البطاقة أصلاً.

أوصانى الزملاء أن أتوجه للمستشفى مبكراً، حتى لا أنتظر طويلا ففعلت، وقبل التاسعة صباحا كنت هناك، واكتشفت أن كثيرين فعلوا ما هو أفضل منى وسبقونى منذ أول أشعة شمس، بعضهم افترش الأرض وانخرط يأكل الفول والطعمية، وعشرات آخرون يتشاجرون فى طوابير طويلة لا نهاية لها، تكدس وزحام وصخب، فى أروقة المستشفى القذر المتهالك، نصف ساعة وأنا أتحامل على ألمى وأسأل يميناً ويساراً، أين أتوجه بخطاب التحويل، وأخيراً دلنى أولاد الحلال، وتنفست بشبه ارتياح وأنا أمثل أمام الموظف المسن النصف ملتحى، قال لى فى حدة غير مبررة وأنا أقدم له الخطاب «جنيه»، أسقط فى يدى فما عدت أتذكر منذ فترة أنى أحتفظ بحافظة نقودى بهذا المدعو، فقد صار بلا قيمة حتى مع المتسولين، فاستغنيت عنه تقريباً، رغم ذلك دفعنى تفاؤلى الذى تمسكت به للبحث عن هذا «المنقرض» بحقيبتى.. ولم أعثر، فقدمت له ورقة بخمسة جنيهات، دفعها إلى فى غضب إضافى «مفيش فكة» سألت من خلفى فى ضراعه.. فكة يا جماعة.. مفيش، غادرت الطابور آسفة على حظى.. لفيت المكان، ولم أجد فكة، عدت إلى الموظف، رجوته أن يحتفظ بالباقى حتى أعود اليه لاحقاً لأخذ الباقى، رفض فى حدة أكبر وقال: ما باخدش فلوس زيادة، روحى فكى، غادرت مجدداً طابورى المكدس بالبشر وبالهمهمات وبالغضب وبالروائح المختلطة حلوها وكريهها، وخطوت إلى الشارع قاصدة أى كشك قريب لفك «أم الخمسة جنيه» وإذا برجل محترم ينادى على.. يا أستاذة اتفضلى.. مد إلى يده بجنيه معدنى، تصببت خجلاً.. رفضته فى عناد رفضاً لا يقل عن رفض الموظف النص ملتحى.. و.. للحديث بقية.

 

[email protected]