رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وعند غروب شمس الدولة العباسية وسقوط بغداد فى يد المغول وكانوا مجوساً فما كان منهم إلا أن وقفوا ضد رجال العلم وبخاصة طبقة الفقهاء منهم وصبوا عليهم جامّ غضبهم وجعلوهم طعاماً للسجون وحرقوا كتبهم، فساد الجهل ربوع البلاد وأغلق باب الاجتهاد وظلت الأمور فى تلك الظلمات حتى كان عهد السلطان الظاهر بيبرس ومعه انتقلت الخلافة الإسلامية (659 هجرية) إلى القاهرة، وعاد الاجتهاد على مذاهب الأئمة وما زال الاجتهاد مفتوحة أبوابه على مقتضى الأحكام الشرعية وإن لم يوجد مجتهد بالفعل الآن، ولا يغرب عن البال أن وسائل الاجتهاد أكثر يسرا مما كانت عليه للتطور الذى جاء مع العصر الحديث فى مجال التأليف والابتكار فكل وسائل الاجتهاد ميسورة سهلة إلا الهمم والنفوس الكبيرة فالهمم قاصرة والرغبة فاترة نادر الجد خامدة وعين الخشية والفكر جامدة اكتفاء بالتقليد وخلوداً إلى الراحة وعدم التسديد.

وبعد فإنه وجب أن يوضع فى الاعتبار حقيقة الاجتهاد كمصدر من مصادر الفقه الإسلامى بوجوب أن يكون دائماً مطابقاً لروح التشريع الإسلامى مسايراً لمقصده وأهدافه مقيداً بقواعد الكلية، ليس معنى هذا أن التشريع الإسلامى «وفى نطاقه يقف الفقه الإسلامى»، تشريع جامد لا يساير التطور، بل العكس تماماً أن هذا التشريع يحوى من وسائل التطور ما يجعله قادراً على مسايرة الزمن وملائماً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية بقى لنا أن نقرر بأن الفقه الإسلامى على هذه الصورة منظور إليه فى قواعده الأصلية ومتابعها ودور العقل الخلاق فى مجال مصادر هذا الفقه قد كتب له أن يرقى إلى مصاف الفقه فى الشرائع العالمية، وكان لقواعده القانونية أثرها الخالد فى هذه الشرائع، وقد تجلى ذلك فى مضمارين: حين تصدى الباحثون لعقد مقارنة بين الفقه الإسلامى والقانون الرومانى كانت النتيجة بعيدة عن كل أهواء الباحثين ثبوت عظمة الفقه الإسلامى، وهذا ما سوف نشير إليه بعد حين، ومن ناحية أخرى فقد كان الفقه الإسلامى موضوعاً أثري شأنه فى المؤتمرات القانونية، وكانت النتيجة أيضاً إعلان تقدير العلماء لنصوص هذا القانون، ولا تثريب علينا من إثبات هذا الجانب بالنسبة لبعض هذه المؤتمرات:

لقد أعلن الفقيه الفرنسى «لامبير» فى المؤتمر الدولى للقانون المقارن الذى انعقد فى مدينة «لاهاى» عام 1932 إعجابه الشديد وتقديره العظيم للفقه الإسلامى، وفى الدورة الثانية لهذا المؤتمر أعلن المؤتمرون بالإجماع الآتى:

(أ) اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع العام «القانون المقارن».

(ب) اعتبار الشريعة الإسلامية حية صالحة للتطور.

(ج) اعتبار الشريعة الإسلامية قائمة بذاتها ليست مأخوذة من غيرها.

وحضره ممثلون عن ثلاثة وخمسين دولة جاء فى مضمون قراراته تأكيد على أن التشريع الإسلامى «تشريع مرن ومثمر»، وأوصى اتحاد المحامين الدولى بتبنى وتشجيع الدراسة المقارنة لهذا التشريع.

وفى يوليو عام 1951 عقدت شعبة الحقوق الشرقية من المجمع الدولى للحقوق المقارنة مؤتمراً فى كلية الحقوق جامعة باريس أطلق عليه «أسبوع الفقه الإسلامى» وقد أبدى كثير من رجال القانون فى فرنسا إعجابهم بهذا التشريع، وقد اتخذت قرارات المؤتمر بالإجماع ونص بها على الآتى:

(أ) تقدير مبادئ الفقه الإسلامى.

(ب) اختلاف مذاهب الأئمة فى الفقه الإسلامى مصدر ثروة فى المفاهيم الفقهية وسبيل للتجاوب مع متطلبات الحياة العصرية.

من جماع ما تقدم يستبين لنا مدى ما فى الفقه الإسلامى من كنوز للمعرفة فى نطاق مبادئ الشريعة الإسلامية التى من أهم سماتها العدالة والفقه الإسلامى فقه متطور تماماً وليس فى قواعده جمود أو عدم مرونة، إنما الجمود فى الذين يتولون البحث فى هذا الفقه.