سطور
أكتب كلماتى وسطورى هذه فى ظل استشهاد واصابة أكثر من ٥٠ مواطنا من خيرة جنودنا وأبناء شعبنا فى الليلة المظلمة أمس وأول أمس، وفى حادثة إرهابية مفجعة لربما أميل إلى وصفها بالمذبحة.. أترحم على شهداء الواجب، وأدعو للمصابين، وأشعر بالمقت والضجر تجاه كل خائن ومقصر ومخرب، كما اشعر بالإحباط تجاه قطاع عريض من اداء الاعلام المفلس صاحب الخطاب و العبارات المستهلكة، ولربما سيبدو ما تبقى من مقالى اليوم للبعض من القراء وكأنه بعيد عما بدأت به، إلا انه وفى واقع الامر مرتبط به ارتباط وثيق، ويعد من احد اهم اسباب الارهاب فى بلادنا جانب إلى جنب مع السياسة الاستعمارية التى تمارسها القوى العظمى فى العالم.
ما هى فاعليته الآن فى مواجهة مشكلات العصر؟؟؟.
جاء هذا السؤال على لسان المستشرق الفرنسى «روجيه ارنالديز»، عام ١٩٩٩م فى الجلسة الافتتاحية لندوة دولية فى ليون بفرنسا تحت عنوان «ابن رشد والرشدية»، وعندما يتم الاحتفال بمفكر مات منذ قرون فمن البديهى أن يثار سؤال كهذا!.
كان هذا سؤال «روجيه» ولعل سؤالى الموجهة إلى الأمة العربية عامة والإسلامية خاصة: وأين نحن من تفكير ابن رشد؟ أو على الاحرى: من هم اتباع ابن رشد فى عالمنا العربى والإسلامى؟ وإن كان لهم من الوجود فأين هم مما يحدث حولنا من إرهاصات فكرية؟؟ خلقت ما يسمى بالإسلام السياسى وخلفت بدورها ما يسمى أيضا بالتطرف الإسلامى الذى يحاول اختطاف الدين الإسلامى!. ووصمه بالإرهاب
ولابد علينا أن نعترف بأن تلك المشكلة صعبة للغاية، ولكن ظنى أنها ستجد حلا فى نهاية الأمر.
وابن رشد مفكر مسلم، من أسرة رفيعة المقام، توفى عام ١١٩٨م، وبعد حوالى ربع قرن تقريبا بدأ فكره ينتشر، ولكن المفارقة العجيبة هنا (بالنسبة لى ولكل من يستخدم عقله) هى أن الفكر الرشدى انتشر فى أوروبا وليس فى قرطبة أو محيط عالمنا العربى والإسلامى!. وهذا ليس بالأمر الغريب إذا ما سلمنا بالواقع المؤسف أو الآفة التى باتت يعانيها العقل العربى منذ قرون وقرون إلا وهى الميل إلى طريقة التفكير الأسطورى الذى هو على النقيض تمامًا من طريقة التفكير العلمى، ولما كان ابن رشد يدعو إلى فكرة اعمال العقل فى النص الدينى، فكان من الطبيعى والبديهى رفض فكرة من قبل العقل العربى الذى مال أكثر ومازال يميل إلى فكر ابن تيمية الذى وجه تهمة الإلحاد إلى ابن رشد بسبب قوله بضرورة أعمال العقل فى النص الدينى.
.. و«للحديث بقية»