رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات:

لظروف عديدة قررت إلحاق ابنتي الصغيرة جنات بمدرسة حكومية! وبمجرد أن سمعت زميلة فاضلة هذا الخبر.. صرخت فيه ليه بس حرام عليك.. هتودي بنتك مدارس أولاد البوابين!!

فى الحقيقة صدمتني كلمات زميلتي القاسية.. وإن كنت لم أتفاجأ بها.. ولكنني تمالكت غضبي وسألتها.. وهل تخرج «زويل» ونجيب محفوظ وغيرهما إلا في هذه المدارس.. التى تطلقين عليها مدارس البوابين!!

بل دعيني أسألك.. وهل تخرجت انت وأنا إلا من هذه المدارس العامة أو الحكومية كما نسميها.. فلماذا توصميها بالعار وكأنها باتت سبة وعارا كبيرا!

بل دعيني أسألك ألم تتفوق «مريم» بنت البواب.. فى العام الماضي.. وتحقق المركز الأول على مستوى الجمهورية.. فى الثانوية العامة.. وقد نالت تكريم مصر كلها.. وجلست بجوار رئيس الجمهورية.. فى مؤتمر الشباب.. تكريماً لها ولكل المتفوقين من أمثالها.. بل وقد تلقت دعوة لاستكمال تعليمها فى الولايات المتحدة الأمريكية!!

فهل كانت «مريم» ياسيدتى إلا خريجة للمدارس الحكومية؟. والتى تطلقين عليها مدارس البوابين.. فها هي تتفوق على كل طلاب مدارس أولاد الذوات.. والذين يدفعون ربما بعشرات الآلاف في المدارس الخاصة والأجنبية؟!

وعدت بالذاكرة إلى الوراء كثيراً.. وتذكرت كيف كنا ننظر فى الماضي.. إلى زملائنا فى المدارس الخاصة.. وكيف كانت نظرتنا إليهم تتسم بالدونية الشديدة.. ونعتبرهم فشلة لانهم بالفعل لم يحرزوا الدرجات المناسبة فى الشهادة الاعدادية.. فبالكاد لحقوا بعربة السبنسة.. ودخلوا الثانوي الخاص!!

قد يقول ليّ قائل إن هذا الكلام كان زمان.. يعني على أيامنا بقى.. وكل وقت وله أذان.. والتعليم العام الآن.. أصبحت سمعته فى الحضيض..أو أصبح الملاذ الوحيد لأولاد البوابين.. كما تحدثت زميلتي بعنصرية بغيضة.. وكأن أولاد البوابين من طينة تانية.. أو كأننا جميعاً من أحفاد الباشوات.. وبتوع دادي ومامي!!

وهل ننسى أن أغلب أوائل الثانوية العامة في كل عام.. من التعليم العام أي مدارس حكومية وليست خاصة!!

والآن دعونا نتحدث بكل صراحة.. فالمدارس سواء الحكومية أو الخاصة فى مصر الآن.. لا تقدم أي تعليم.. لأن التعليم الحقيقي يتلقاه الطلاب والتلاميذ.. داخل السناتر ومراكز الدروس الخصوصية.. وفيها يدفع وليّ الأمر دم قلبه من أجل نجاح ابنه وحصوله على مجموع مناسب!

استمع جيداً لأوائل طلاب الثانوية العامة.. بل استمع لطلاب الشهادة الاعدادية.. تجد أنهم جميعاً لا يذهبون لمدارسهم طوال العام.. وكل اعتمادهم على الدروس الخصوصية فى السناتر!.

مطلوب رد الاعتبار للمدارس الحكومية.. حتى لا يسيء إليها أحد.. فالمدارس الخاصة تحولت العملية التعليمية فيها إلى تجارة.. وهم يسيرون على مبدأ التجارة شطارة.. والزعل ممنوع!!

مطلوب إنصاف المعلم.. والذي تعامله دول كاليابان وأمريكا وكل دول أوروبا.. على أنه الموظف رقم واحد فى البلد.. وهو صاحب أعلى دخل فى البلاد.. أعلى من الوزير.. وأعلى من القاضي وأعلى من الضابط.

لكن تعال لحاله فى مصر.. ستجد مرتب معاون النيابة الشاب يعادل مرتب عشرة مدرسين.. بالتمام والكمال!!

لذلك كان من الطبيعي.. أن يبدع وينجز المدرس هناك.. ويقدم عصارة فكره لطلابه.. فى حين أن المدرس عندنا.. يضن على تلاميذه وطلابه بالفكر والمجهود.. لأنه يدخرهما لجولاته المكوكية على الدروس الخصوصية فى المنازل والسناتر!!

وكان من الطبيعي أن يتقدم التعليم.. ويصبح قاطرة التنمية هناك.. ويؤدي لتطور البلاد.. وازدهار شعوبها!

بينما نجد التعليم فى بلادنا.. سبب تخلف البلاد.. وانتشار الجهل فيها.. بعد أن أصبح يقدم لنا كل يوم.. جيوشا من الخريجين غير المؤهلين. والذين لا تحتاج إليهم سوق العمل.. لينضموا لأشقائهم.. فى طابور البطالة الطويل.