رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

سلامٌ على آل نوبل. وردة شكر للذين عملوا، واجتهدوا، ونفعوا البشرية عاما بعد عام، وجيلاً بعد آخر. تحية حُب للنافع، الصالح، المُضىء لدرب الإنسان أينما كان.

ولا شكر للذين يتثاءبون، ويتمطعون، ويملأون الدُنيا ضجيجاً بلا عمل. لا حمد للذين يتصورون أنّهم فاشلون نتيجة المؤامرات الكونية، ومتخلفون بفعل استهداف الحاسدين، ومتأخرون لأن الآخرين يحتشدون ويجتمعون لتأخيرهم.

جيفرى هول، ومايكل روزباش، ومايكل يونغ ثلاثة علماء قديسين من أمريكا فازوا بجائزة نوبل فى الطب لاكتشافهم وجود نظام داخل جسم الإنسان يدير وظائف الأعضاء بما يشبه الساعة البيولوجية. هؤلاء الأفذاذ نجحوا فى التعرف على خصائص الساعة البيولوجية للإنسان، فطوبى للبشرية، وشكرا للعلم الحديث.

وفى الفيزياء فاز ثلاثة أمريكيين آخرين هم بارى باريش، كيب ثورن، وراينر فايس بالجائزة لتمكنهم من رصد كامل لموجات الجاذبية. وهكذا أصبح من الممكن تتبع التاريخ الفلكى للعالم بسهولة.

 وفى الكيمياء، فاز ثلاثة علماء من سويسرا وأمريكا وبريطانيا هم جاك دوبوشيه، وجواكيم فرانك، وريتشارد هندرسون بجائزة نوبل بعد تطويرهم مجهرًا إلكترونياً يسمح بتصوير حركات الجزيئات الحيوية.

فى الأدب فاز كازو ايشغورو الكاتب البريطانى اليابانى المولود فى مدينة الموت نجازاكى لأنه أعاد تحليل علاقة الإنسان بالعالم الذى يعيش فيه، من خلال ثمانى روايات فقط ترجمت إلى كثير من اللغات.

لا عربى العام الحالى، ولا السابق، ولا الأسبق. بلادنا فى وادٍ آخر، خلف الخلف، حيث لا برعم، ولا بصيص. ننشغل بالنساء الأربع، وبالسؤال الأزلى عن عذاب القبر، وبقضايا دخول الخلاء باليمين أو اليسار، وكيفية لبس الخف، وقيادة المرأة للسيارة، وبفتاوى إرضاع الكبير وزواج المسيار.

عندما بزغ واحد عربى فى سماوات العالمية لأنه صنع سلاماً ومُنح نوبل بعد وأده لحرب طالت ثلاثين عاماً خوّنه إخوته، وكفره أهله. ولأنه نال نوبل فقد قُتل السادات غدراً يوم نصره. ولما فاز أديب مصرى اسمه نجيب محفوظ بالجائزة لعنه أديب آخر يعمل معه فى نفس المكان، واتهمه بالعمالة للصهيونية، قبل أن يُجدد الأغبياء فتوى تكفيره واستحلال دمه ليغرس أحدهم سكينه فى رقبته. وحتى زويل الذى اقتنص نوبل فى الفيزياء بعد اكتشافه الفيمتو ثانية وصموه بكل فرية، واعتبروه صديقاً لإسرائيل، وبددوا حلمه فى جامعة مصرية لاحتضان النوابغ حتى لقى ربه.

ليس أسهل من حسد الناجحين، وصمهم بالشرور، وتصوير كل فشل بأنه نتاج مؤامرة كونية تستهدف وجودنا، وعلونا، وتقدمنا.

نحن أسرى الخوف من التلاحم، وعبدة تحميل الآخرين نتاج تدهورنا. سنوات طويلة وأقلام الاستسهال العربى تتهم جائزة نوبل بكل جريرة، حتى قال البعض فى سذاجة إنّها صُنعت لخدمة الصهيونية رغم أنها تسبق تأسيس إسرائيل بنصف قرن!

سيقول المُخلَّفون عن ركب التقدم نحن أعلى بأخلاقنا، وأفضل بتقدمنا الروحى، وأقرب إلى الله من هؤلاء الكفرة. يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم، لأنهم يعلمون جيداً كيف انحدرنا أخلاقياً وروحياً ودينياً.

والله أعلم.

[email protected]