رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

 

عودتكم بين الفينة والأخرى..على الاستعانة بإحدى القصص والحكايات.. من حياة الحكام أو المحكومين.. والتى تعطينا العبرة والعظة.. فى حياتنا وتنير لنا الطريق ..بعد أن ساد الظلم وعم الفساد فى حياتنا.. فكان وﻻ بد من جرس انذار يوقظنا ..ويهز كياننا بعنف ..قبل أن نلقى وجه رب العالمين .

وقصتنا اليوم.. من كتاب "تاريخ الاسلام فى الهند" ..للكاتب عبد المنعم النمر..  عن حاكم اسمه “ شيرخان “ابكتني وهزتني.. ورأيت اطلاعكم عليها.. لعل وعسى نفوق قبل فوات الأوان . ففي عام 1530م كان هناك ملك مسلم يحكم أفغانستان وأجزاء من الهند واسمه “ شيرخان “ ..وكان أعجوبة في العدل لم ير العالم له مثيلا من بعد زمن الصحابة والتابعين ...

وكان للملك شيرخان جيش يحارب على حدود دولته فوق إحدى قمم الجبال، وكان لأحد الفقراء هناك كوخ يعيش فيه وأسرته، واحتاج الجيش أن يزيل الكوخ لأمر خاص بالخطط العسكرية الخاصة بالجيش، وبعدما أزال الجيش كوخ الفقير ونزل الرجل من على الجبل إلى السهل المنبسط، لم يستطع التأقلم والعيش في السهول، حيث كانت حياته مرتبطة بقمة الجبل والصيد فيها والاحتطاب ورعي الأغنام ...

قرر الرجل الذهاب إلى الملك شيرخان ليشتكي له قائد الجيش لهدمه بيته ..وعندما وصل إلى المدينة التي بها مقر الحكم ..سأل عن الملك شيرخان فقيل له إنه عند أطراف المدينة..  يلعب مع الأطفال ..فظن الرجل أن الناس يسخرون منه لهيئته البسيطة ..فسأل آخرين فأتاه نفس الرد فذهب للمكان الذي وصفوه له خلف المسجد الكبير بالبلدة ..فوجد ساحة كبيرة وبها أطفال يلبسون أجمل الثياب وأغلاها ..ووجد الملك شيرخان يلعب مع الأطفال .

ولما سأل من يقف بجواره ..من هؤلاء الأطفال قيل له : هؤلاء اليتامى من أطفال المسلمين

قال الفقير : ولكن مظهرهم لا يدل على أنهم أيتام فقال الرجل، اليتامى عندنا يلبسون ثيابا أفخر وأقيم..  مما يلبسه باقي أولادنا ..وهذا أمر من الملك شيرخان ..أن يكون مظهر الأيتام أعلى قيمة من باقي الأطفال ..فاستبشر الرجل في الملك العادل خيرا ..وظن بربه خيرا أن الله سيقضي له حاجته من الملك.

وفرغ الملك من اللعب مع الأيتام ..وذهب إليه أحدهم يبلغ الملك.. أن هناك غريبا يريد الملك في حاجة له فقال لمحدثه: ولِمَ لم توصله إليه مباشرة فور أن حضر ..يا رجل ربما الغريب جائع أو خائف أو غير آمن ..فكيف أسعفك فكرك إلى أن تؤخره عنا؟! سامحك الله يا رجل ... وكان يتحدث وهو في طريقه إلى الغريب خارج ساحة اللعب.. فلم يكن ليضيع الوقت مع محدثه والغريب ينتظر بالخارج.

ووقف الملك أمام الفقير وقال له بكل تواضع : لبيك يا عبد الله ..أنا خادمكم شيرخان ..هل لك من مظلمة نقضيها لك بإذن الله تعالى؟!

فانبهر الرجل الفقير من الرد وتلجلج في الكلام فطمأنه الملك وتبسم في وجهه وقال له : تحدث يا عبد الله ولا تخف من غير الله  فوالله لو كان حقك عندي لجعلتك تقتصه مني الآن.. فزاد انبهار الرجل وعدم تصديقه

فحكى الفقير قصته للملك فقال له شيرخان : أبشر يا عبد الله فقد قضيت مظلمتك وهي في ذمتي الآن حتى يصلك حقك فأمر من فوره ..أن يؤخذ بيت قائد الجيش.. حتى يبنى للفقير بيت فوق قمة الجبل.. وبجواره قلعة عسكرية.. بها أبراج للدفاع عن المنطقة ضد أي عدوان ..فزاد تعجب الرجل وهو يضرب كفا بكف

وحاول شكر الملك بكلمات الثناء والمديح.. فأوقفه الملك أن يكمل حديثه ..وقال بغضب وتواضع :

يا رجل لا تشكرنا أن أدينا لك حقك ..فهذا ليس مالي ولا مال أبي ..بل هو مال الله استخلفنا فيه لخدمة ضعفاء المسلمين قبل أقويائهم .

فوالله الذي لا إله غيره.. لأن أخسر المعركة ويأسرني العدو ..ويقطعني إربا تأكلني السباع والجوارح.. هو خير لي من أن ألقى الله يوم القيامة.. وفوق كتفى مظلمة فقير يحاججني بها بين يدي الله.

الله..الله..على عدلك يا شيرخان.. هكذا يكون الحاكم فى عدله..وخوفه من عقاب الخالق ! كما أن حرص المواطن على حقه -حتى لو كان فقيرا معدما - يعلمنا أن الحقوق تنتزع انتزاعا وﻻ تترك ابدا..  ما احوجنا الى شيرخان فى زماننا ..بعدله وحكمته وتقواه !!