رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

في البرلمان الديمقراطي، ينبغي أن تتوافر له بقدر الإمكان تمثيله لكل فئات الشعب بكل خصائص نوعياته وتركيباته البشرية، والشفافية في كل الإجراءات المشكلة لبنيانه، وسهولة التفاعل الحي المباشر مع ذلك الكيان النيابي، ووقوعه تحت كل أشكال وأطر المساءلة الفاعلة والمتابعة ..

تقول لنا صفحات تاريخنا إنه فى مايو عام 1805 قام شعبنا العظيم  بأول ثورة ممكن وصفها بأنها الأروع في مدى اكتمال عناصر دافعيتها والتحضير الرصين الحر لها في عصرنا الحديث.

فيها تقدم علماء الأزهر الصفوف ولم يغب عن الحضور والمشاركة والتمثيل أي فئة من فئات الجماعة الوطنية،  وقام قادة هذه الثورة بتنصيب محمد على باشا والياً على مصر "باسم الشعب" دون انتظار لقيام السلطان العثمانى بإرسال والٍ من قبله. وتمت مبايعة محمد على حاكماً بشروط الشعب التى تعتمد فكرة أن الأمة هى مصدر السلطات .. حيث نصت هذه الشروط على أنه " تم الأمر بعد المعاهدة والمعاقدة على سيره بالعدل وإقامة الأحكام والشرائع والإقلاع عن المظالم وألا يُفعل أمراً إلا بمشورة العلماء. وأنه متى خالف الشروط عزلوه".

وعقب استقلال محمد على بحكم مصر، شرع بكل همة  لإقامة مؤسسات حكم حديثة، بما فيها إقامة مجلس نيابى تمثيلى حديث.

ففى عام 1824 تم تكوين "المجلس العالى" الذى يُعد البداية الحقيقية لأول مجلس نيابى يتم اختيار بعض أعضائه بالانتخاب ويراعى فيه تمثيل فئات الشعب المختلفة، حيث تكون من 24 عضواً فى البداية، ثم صار عددهم 48 عضواً بعد إضافة 24 شيخاً وعالماً إليه. وبذلك أصبح يتألف من نظار الدواوين، ورؤساء المصالح، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، واثنين من ذوى المعرفة بالحسابات، واثنين من الأعيان عن كل مديرية من مديريات القطر المصرى ينتخبهما الأهالى.

وفى يناير 1825 صدرت اللائحة الأساسية للمجلس العالى وحددت اختصاصاته بأنها "مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد على فيما يتعلق بسياسته الداخلية.. "وقد تضمنت اللائحة الأساسية كذلك مواعيد انعقاد المجلس وأسلوب العمل فيه.

وبرغم التاريخ الرائع ده، يكتب لنا أهل المتابعات السياسية للحياة البرلمانية بعد حوالي قرن من الزمان  ينتقدون البرلمان المصري لموقفه من قانون الاجتماعات والمظاهرات الصادر سنة 1923 في عهد وزارة يحيى باشا إبراهيم وأُحيل على البرلمان ضمن القوانين التي صدرت قبل انعقاده ليقرها أو يلغيها، وهو قانون يضيق حق الاجتماع بقيود هي بمثابة الحجر على حرية الاجتماع، وقد أُحيل هذا القانون على لجنة الداخلية بمجلس النواب لتقديم تقرير عنه، فبحثته اللجنة بحثاً مستفيضاً ورأت وجوب إلغائه وقدمت تقريرها بذلك إلى المجلس، فقرر إلغاءه بإجماع الآراء ..

ومنذ 93 سنة وبتاريخ  أول يوليو  1924صدر قرار البرلمان المصري بجلسته الأولى بإلغاء القانون، ولكن الوزارة طلبت في الجلسة التالي "  2 يوليه " إعادة النظر في قرار الإلغاء بحجة أنها لم تكن حاضرة في جلسة أول يوليه، وتولى سعد زغلول شرح هذا الطلب بنفسه وتمسك به، فعدل المجلس عن قراره الأول، وقرر تأجيل المناقشة في القانون حتى تُقدم الحكومة مشروع قانون آخر للاجتماعات، وكان واجباً على المجلس وقد أصدر قراره الأول بإجماع الآراء أن يتمسك بهذا القرار ولا يعدل عنه، وقد قدمت الحكومة بعد ذلك مشروعاً بتعديل قانون سنة 1923 قبله مجلس الشيوخ وأحاله إلى مجلس النواب، وهذا أحاله إلى لجنة الداخلية، ولكن انفضاض الدورة البرلمانية حال دون فحصه وعرضه على المجلس، ثم حُل المجلس في نوفمبر1924، كما سيجيء بيانه، فبقي القانون القديم قائماً بأحكامه الاستبدادية، وكان عدول المجلس عن قراره الأول هو الذي أدى إلى هذه النتيجة، ومن سخرية القدر أن الأغلبية البرلمانية قد حوربت ببقاء هذا القانون واستخدمته حكومة سنة 1925 في تفريق اجتماعاتها وتقييد حريتها..

وحتى الآن، تبقى حواديت التظاهر وقوانينه تشغل دورات برلماننا العتيد، ببساطة ــ وللأسف الشديد ــ لأن الديمقراطية وإحلال آليات تطبيقاتها ظلت بعافية شوية أو شويتين عبر كل تلك الحقب !!!

[email protected]