رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

القرار الذى اتخذته أمريكا فى الثانى والعشرين من أغسطس الماضى بحجب جزء من المساعدات لمصر كان متوقعاً، ولم يشكل مفاجأة اللهمَّ إلا للنخبة التى ما زالت تؤمن بأن أمريكا دولة ملتزمة بالقانون وبمعايير العدالة والحق والإنسانية، رغم أن تاريخها الأسود يعد خير شاهد على أنها متآمرة على دولنا خدمة لإسرائيل. وهو ما ظهر بجلاء فى أعقاب غزوها الدنىء للعراق فى 2003 عندما خرج «كولن باول» وزير خارجيتها وقتئذٍ ليقول: «دخلنا العراق لتكون منطلقاً لنا نحو دول المنطقة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد، بما يعزز مصالح أمريكا وحلفائها». ولا يخفى على أحد أن معنى الحلفاء هنا هو إسرائيل.

تذرعت أمريكا بخطوة حجب جزء من المساعدات بملف حقوق الإنسان وقانون الجمعيات الأهلية الذى أصدرته مصر، مؤخراً، رغم أن هذه الجمعيات كانت الأداة الأكثر فتكاً فى معارك الربيع العربى التى اجتاحت دولنا منذ 2011 لتدمير المنطقة. وتنسى أمريكا عن عمد كيف أنها قد أقامت الدنيا ولم تقعدها فى أعقاب الهجمات التى استهدفتها فى 11 سبتمبر 2001، فكان أن أصدرت قوانين باترة أكثر حدة من قوانين الطوارئ. ولكنها اليوم تنكر على مصر استخدام حقها فى الذود عن أمنها القومى ومجابهة الإرهاب الذى يتخذ من هذه الجمعيات الأهلية ستاراً لتمويل أنشطته.

 وبالتالى لا يحق لأمريكا التدخل عنوة فى شأن داخلى يخص مصر، ولا يحق لها مصادرة حق مصر السيادى فى إصدار القوانين التى تمثل تأميناً لأمنها الوطنى.

هل غاب عن أمريكا أن قرار حجب المساعدات يعد انتهاكاً لاتفاقات السلام التى تم توقيعها بعد اتفاق كامب ديفيد، والتى بموجبها باتت أمريكا ملزمة بتقديم الدعم العسكرى والاقتصادى لكل من مصر وإسرائيل مقابل التزامهما بمعاهدة السلام، والعمل على استقرار المنطقة، ومن ثم فإن القرار الأمريكى بحجب مساعدات لمصر سيعنى عودة المنطقة إلى مرحلة اللا سلام. هذا بالإضافة إلى أن حصول مصر على هذه المساعدات لا يتم دون مقابل، فهناك حجم الفوائد الضخمة التى تحققت لأمريكا منذ هذا التاريخ سواء على مستوى الأمن الوطنى الأمريكى ومصالح أمريكا الاستراتيجية والأمنية فى الشرق الأوسط أو على المستوى الاقتصادى وزيادة فرص العمل فى أمريكا بسبب هذه المعونة.

لقد تفاءلت مصر بقدوم ترامب بعد إدارة أوباما التى عصفت بأمن مصر خلال ثورة 25 يناير عندما بادرت ودعمت جمعيات المجتمع المدنى رغم دورها المشبوه ونشرها الفوضى وتجاوزها لكل القنوات الشرعية. ولهذا كان يتعين على إدارة ترامب أن توازن بين رؤية الدولة المصرية التى تجمعها مصالح استراتيجية مع أمريكا ورؤية هذه الجمعيات وهى التى أنشئت فى الأساس للقيام بمهام قذرة تستهدف الدولة فى مقتل. أما مصر فيتعين عليها اليوم ألا تغضب من القرار الأمريكى، فرب ضارة نافعة، وقد يكون القرار بداية صحوة إفاقة للمحروسة تشحذها على ألا تعيش على المعونة الأمريكية حتى لا تصبح ذريعة للولايات المتحدة كى تفرض عليها شروط إذعان جاهزة ترتكز على ما اعتادته أمريكا من الترويج لشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان واتخاذها علة للتدخل عنوة فى الشأن الداخلى للدولة. آن الأوان أن ترفع أمريكا يدها عن مصر.