رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الديمقراطية بالمعنى السياسي أن يكون للشعب حق اختيار نظام حكمه والحق في مساءلته ومحاسبته.. الأصل في أي ديمقراطية حقيقية العدل والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين علي أساس الدين أو العرق أو الطبقة أو الطائفة.. بهذا المعنى فنحن شعب محروم من متعة الديمقراطية.. أخطر ما يترتب علي هذا الحرمان هو الشعور بالملل والفقر في الأحلام وترسيخ ثقافة البلادة السياسية.. وعندما يكابد شعب أزمات خانقة في الاقتصاد والمواصلات والصحة والتعليم والمياه إلى جانب الحرمان من قيمة حرية الاختيار التي هي أصل الديمقراطية، فمعنى ذلك أن الحياة تصبح بطعم الموت ويتحول ملايين الناس إلي كتل من الاكتئاب والملل إلى الحد الذي يجعل الأمل الوحيد المتبقي للغالبية العظمى أن يكرمهم الموت بموعد مبكر ورحلة سريعة للعالم الآخر لن يخشوا معها تصادم قطارين فوق قضبان التخلف والفساد.. أمنية الموت ترجمة لقول الشاعر عبد الرحمن صدقي.. يا موت ها أنا ذا فخذ ما أبقت الأيام مني - بيني وبينك خطوة إن تخطها فرجت عني.. الحقيقة التي لا يدركها المروجون لمفهوم تثبيت الدولة أن قوة أي منظومة مرتبطة بقدرة أهلها علي الإيمان بجدوى الحاضر والحماس للمستقبل، والحالمون الطامحون للمستقبل لا بد أن يكونوا أحرارا وجزءا أساسيا من عملية التقدم.. النهضة تبنيها عقول مبدعة مؤمنة بمشروع للمستقبل وهذا ما تحقق جزء منه علي يد رفاعة الطهطاوي والافغاني ومحمد عبده وطه حسين ولطفي السيد وسلامة موسى والشيخ علي عبد الرازق وغيرهم.. لم يكن محمد علي ديمقراطيا، لكن كان لديه حلم انعكس فوق مرايا عقول بعض المصريين النابهين في عصره.. المصريون يعيشون حالة ملل جمعى لأن الديمقراطية الوحيدة المتاحة للجميع بعدل هي ديمقراطية الملل والشكوى والأنين المكتوم.. أي دولة عبارة عن أرض وشعب وسلطة، والشعب هو الحلقة الكبيرة بين الأولي والثالثة وبدونه فالأرض بلا هوية والسلطة في الفراغ.. كل الأنظمة السياسية  العربية مغرمة بالغرب وتعيش في جلبابه، لكنها جميعا ـ وبانفصام كامل في بنية أفكارها ـ تحرم علي الشعوب حلم التغيير والحداثة.. في اربعينيات القرن الماضي كتب الدكتور طه حسين «إن الذين يسألون عن مصدر هذا الشقاء الذى يثقل الحياة المصرية ويحول بينها وبين الاستقرار، لم يكلفوا أنفسهم كثيراً من البحث. فمصدر هذا الشقاء قريب جداً هو أننا لم نغرس شجرة الديمقراطية الصحيحة فى كل قرية من قرى مصر، وفى كل مدينة من مدن مصر.  ولو قد فعلنا منذ عشرين سنة لكانت لنا حال غير هذه الحال من الاضطراب السياسى الذى تدفعنا إليه الأهواء والشهوات!». وفي عام 1902 كتب المفكر فرح أنطون «الرغبة فى المساواة بين أبناء الأمة مساواة مطلقة لا سبيل لتحقيقها  إلا بهدم الأسوار والحواجز الموضوعة بينهم أو أن تحكم بينهم سلطة ليست تابعة لمذهب من مذاهبهم، بل توضع فوقهم جميعاً. وهذا لا يمنع أن يكون رجال هذه السلطة مسلمين أو مسيحيين أو وثنيين».. هذا ما رآه طه حسين وفرح انطون وأعتقد أنهما لم يكن يدور بخلد أي منهما أن المصريين بعد اكثر من قرن مما كتبوا تراجعت أحوالهم وافكارهم وحريتهم قرونا طويلة ولم يتبق لهم غير الملل.