رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب يريد..

التحق جيلى بالمدارس الابتدائية أثناء حكم الرئيس الراحل عبدالناصر.. وعشت أسمع لأساتذتى تعليمات ونصائح تصل إلى حد الرجاء، ألا نتكلم فى السياسة، ولا المواد التموينية. ولا أنسى عندما اعترضت على استلام «علبة لبن بودرة أو الجبن الأصفر» كمعونات أمريكية، وسألت أبلة عصمت، أطال الله عمرها، والتى ما زلتُ أراها وأسمعها وأتعلم منها، ويجمع بيننا تعلق التلميذة بمدرستها والجيرة الجميلة بشبرا.

 وتساءلت لماذا يتسلمها التلميذ ولا تذهب للأسرة المحتاجة فقط أو مؤسسات الأيتام؟ وليه لبن وجبن أمريكى مصنَّع؟ وما هو ثمنها أو المقابل المصرى لها؟ ثم ما له اللبن الطبيعى المصرى والجبن الأبيض الدمياطى؟ لازم يعنى يبقى جبن مطبوخ؟ ولمحت علامات الدهشة على وجه مدرستى «أبلة عصمت»، وتركتنى وذهبت للسيدة الفاضلة «أبلة إحسان» ناظرة المدرسة، رحمها الله، والتى صرخت وقالت: «كل ده سيكون لدى أمن الدولة حالاً دى مصيبة»!! وقامت بزيارة لفصلى الدراسى واصطحبتنى إلى مكتبها، وبدأت تشرح لى أن هذه سياسة، وصعب جداً تغييرها، وأننى تلميذة مجتهدة ومسئولة عن «الإذاعة فى الطابور»، ولابد أن أبعد عن مثل هذه الأمور؛ لأنها «بتزعل الرئيس ناصر»، وكنا كل صباح نشيد بناصر الحرية، وحبيب الأمة العربية.. ومنذ هذا اليوم وأنا أبعد تماماً عن ضباط أمن الدولة والجهاز ووزارة الداخلية والتى لم أشرف بدخولها إلا مرة واحدة لإجراء حوار مع اللواء زكى بدر وزيرها الراحل بصحبة الزميلين عبدالرؤوف المناوى، والمصور عادل مبارز، ونشر بمجلة «المجلة» السعودية وبس..

والتحق ضابطان من أقاربى بجهاز أمن الدولة، واستشهدا فى أحداث التكفير والهجرة وأحداث المتطرفين، ولم أغير رأيى أو ما أُلصق بفكرى منذ الطفولة.. إلى أن تولى اللواء حسن أبو باشا وزارة التنمية المحلية عام 1984، وكنت مندوبة أخبار الوزارة، ولم أذهب لها وطلبت من أستاذى إبراهيم سعدة ترك الوزارة، واختيار وزارة أخرى لمجرد تعيين رئيس جهاز أمن الدولة السابق وزيراً لها!

وكان ذلك الوقت يعد بالفعل العصر الذهبى للمحافظين، وحُسن اختيارهم والأداء الذى قدموه لبلدهم.. وتلقيت تليفونات من كل من د. فاروق التلاوى، محافظ الوادى الجديد، وأيضاً من المحافظ الراحل د. أحمد جويلى، محافظ دمياط، وطلبا كل منهما ذهابى للوزير حسن أبوباشا وقالا إنه تحدث عن حملة «التعديات على نهر النيل» التى تنشرينها، وتعجبا لماذا لا تغطين أخبار الوزارة، كما كنتِ ووعدناه بأنك سوف تتصلين به، وقلت «كده بقى يا دكتور فاروق بدأنا تحريات أمن الدولة» وضحك قائلاً: والله لن تندمى وسوف تدعين لى وللدكتور جويلى؟

وتملكنى حب الاستطلاع، واتصلت بالوزير أبوباشا، والتقيته نفس اليوم وقلت له، وتشهد السيدة عفاف، سكرتيرته فى ذلك الوقت «أنا لم أحضر الوزارة لأنكم زورتم انتخابات 1974 وتعذبون المساجين، وتراقبون الناس فى بيوتهم ومدارسهم وعملهم وتجندون الإعلام لصالحكم»، وظننت أنه سوف يؤيد عدم دخولى الوزارة إلا أنه ترك مكتبه، وقال تفضلى وجلسنا بصالون المكتب، وقال: «وليكن بيننا حوار لحين وفاتى»، وبدأ يشرح لى تاريخ هذا الجهاز الوطنى بحق ولم أر فى حياتى إنساناً يتقبل النقد ويطلبه مثل هذا الرجل، وكان شديد الأدب واللياقة فى اختيار كلماته، واستقبال ضيوفه، وعرض وجهات نظره وتعلمت منه الكثير، ولم أعد أحكم على الناس بما سمعته فقط، وطلب منى الوزير أبوباشا قراءة مجموعة كتب، ووجدنى قرأتها بالفعل، ومنها كتب خالد محمد خالد، وعبقريات العقاد، وهنا تعجب وكيف لا تعذرين جهاز أمن الدولة؟

وعقب خروج «أبوباشا» من الوزارة أرسلت له ورداً وطلبت زيارته، وذهبت لمنزله، وإذا به يجمع كوكبة من كوادر هذا الجهاز الوطنى، والذين للأسف نقلهم اللواء زكى بدر وأحدث هزة عنيفة دفعنا جميعاً ثمنها، وما زلنا ندفعه حتى الآن ولولاه لكنا رأينا مئات من المتطرفين إما بالسجون وإما مفكرين ضمن المراجعات التى أجراها ونفذها أبوباشا وفؤاد علام أمثال د. ناجح إبراهيم، ونبيل نعيم، وأنا لم أتعرف عليهما ولم ألتقيهما، ولكن كلنا الآن يعرفهما من فكرهما الذى غيره جهاز أمن الدولة.

وعندما تحدثت مع اللواء فؤاد علام أثناء علاج الوزير أبوباشا بمستشفى النيل بدراوى لمست أنه علم بحواراتى مع أبوباشا وسألنى متى سوف تنشرينها؟ وأبدى إعجابه بحواراتى وطلقات لسانى والتى تسبق وتتفوق على كلام وزير الداخلية زكى بدر وقال: هذا أمر جيد محفوف بالمخاطر.. وإلى الأسبوع القادم.

 

<>

مستشار وزير النقل الذى شارك ضحايا القطارين مصيرهم.. رحمهم الله.