رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

كان الشيخ عبدالعزيز التويجرى أقرب الناس إلى قلب ولى العهد فى ذلك الوقت الأمير عبدلله بن عبدالعزيز وكان الرجلان من عشاق المحروسة مصر ويعتبران أن هناك مثلثًا ذهبيًا فى أمة العرب لو أن العلاقات بين اضلاع هذا المثلث طيبة فإن الأمة بأسرها تصبح بخير وهذا المثلث هو بالتأكيد يبدأ من القاهرة مرورًا بالرياض ودمشق وعندما اراد الشيخ عبدالعزيز أن يصحح الأوضاع مع مصر والتى شهدت فتورًا طويلاً طوال سنوات حكم الرئيس السادات وتحديدًا بعد زيارة «الكاتب».. وقع الرجل باختياره على ثلاثة من مفكرى ومبدعى مصر أحدهم ينتمى بالفكر إلى الرئيس السادات والثانى كان وظل ومات وهو مؤمن بالمبادئ التى سار عليها جمال عبدالناصر والثالث كان راهبًا فى حب مصر ولم يعمل سوى بالأدب وشعر أنه يستحق مكانة دولية أدبية، الأول بالطبع هو عمنا انيس منصور، والثانى هو الولد الشقى محمود السعدنى، والثالث هو تحفة كل العصور يوسف إدريس وبعد لقاء ولى العهد السعودى الذى شهد انفراجة فى العلاقات الرسمية مع مصر بفضل يوسف إدريس والسعدنى.. كانت أول سهرة فى الجنادرية على شرف إدريس والسعدنى ومن خلال الحواديت والذكريات التى مر بها عبدالعزيز التويجرى محاربًا مع الملك المؤسس ثم مستشارًا شخصيًا ونائبًا لرئيس الحرس الوطنى السعودى للأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولى العهد.. بدا أن هناك شخصًا فى حجم اسامة الباز وإن كان نفوذه اشد اتساعًا وعمقًا وحكى الرجل لضيوفه حكاية عن الملك المؤسس وكيف أن الرجال فى استراحة المحارب جنحوا إلى بعض الراحة وجلسوا يتناولون طعام العشاء وإذا بأحدهم جاء يتسلل فى ظلمة الليل التى زادتها المشاعل ظلامًا.. ولكن الملك عبدالعزيز أو الرجل الذى سوف يصبح الملك الموحد للجزيرة قام واستل سيفه وجرى وراء هذا القادم من أعماق الظلمات ولم يتركه إلا بعد أن قضى عليه وكان القتال متكافئًا، رجل لرجل وعندما سألوا الشيخ التويجرى عن سر هذا الموقف أجاب: كان هذا الرجل أحد أخطر الرجال فى طريق توحيد القبائل ولو تسلل إلى الجمع الغفير وتناول الطعام مع هؤلاء المحاربين لأصبح دمه محرمًا على الجميع، وبعد فاصل من الذكريات يصمت الجميع ويسرح طويلاً عمنا يوسف إدريس ويعود ليقول للشيخ التويجرى أنت فى تاريخ الاسلام تشبه «فلانًا» فضحك الشيخ وقال لا والله ثم نظر الشيخ إلى السعدنى وسأله هل اشبه الصحابى الجليل «فلانًا» فأقسم السعدنى بأنه لا يشبهه ولا يمت إليه بأى صلة وهنا عاد الشيخ ليسأل السعدنى، من أشبه يا عم محمود.. فقال السعدنى على الطلاق انت الخالق الناطق الداهية عمرو بن العاص وأطلق الشيخ عبدالعزيز ضحكة صافية وقال.. والله صدقت يا محمود، وفى الأيام التالية كان أفراد الأسرة يلتقون بمثقفى مصر.. واكتشف الثلاثى انيس منصور ويوسف إدريس والسعدنى أن هناك تسلسلاً هرميًا مقدسًا وأن السن له كامل الاحترام وعظيم التقدير وأن المنصب ليس وحده هو الذى يضفى الهيبة على صاحبه فهناك مجلس الأسرة وهناك الكبار ربما لا يتولون مناصب ولكنهم أصحاب الأماكن الرفيعة ومن بين الذين امتلكوا نفوذا لا حدود له فى هذه الأيام كان شاب ضخم واسع الاطلاع يعشق العمل العام ولا تهمه المناصب بقدر ما يهمه الاسهام فى رفع مكانة المملكة عاليًا فى المجال الرياضى وهو الأمير فيصل بن فهد.

كان فيصل بن فهد قد علم بمجئ كتاب مصر الكبار وأراد الاحتفال بهم فى قصره ولكن أحد الأمراء كان قد سبقه إلى هذا اليوم فاعتذر الثلاثى لفيصل بن فهد.

وطلب فيصل بن فهد من ضيوف الرياض الكبار الإذن فى أن يكلم أمير المنطقة صاحب الدعوة وبالفعل حدث أن الجميع التقوا عند فيصل بن فهد وفى نهاية اليوم شكر الأمير الصغير يوسف إدريس وانيس منصور والسعدنى لأنهم أتاحوا له أن يجلس طويلاً مع فيصل بن فهد أمير الشباب الذى ارتفع بالفعل بعد ذلك بمستوى الكورة فى المملكة العربية السعودية وقدم فريقًا كرويًا تباهى به الأمم صعد ذات كأس عالم إلى دور الثمانية ومنذ ذلك الوقت لم يستطع أى فريق سعودى أن يحقق للمملكة ما حققه هذا الأمير الذى رحل وهو فى ريعان شبابه.

وفى الليلة قبل الأخيرة للسعدنى فى المملكة وكان قد زار هو ويوسف إدريس وأنيس منصور أغلب الكبار فى الأسرة الحاكمة واكتشفوا أن وصية الملك المؤسس هى دستور لا يحيد عنه الأبناء وهى الوصية الخاصة بمصر وأهل مصر.. نظر السائق الذى كان مصاحبًا للسعدنى نظرة غاضبة فيها عتاب ودهشة وبالطبع السعدنى كان لماحًا.. سأل الرجل عن سر هذا الغضب فقال السائق.. يا أستاذ يجب أن تعلم اننى قارئ نهم قرأت لك وللأساتذة الذين معك ونحن نعتبرك كاتب البسطاء.. وانتم كل يوم تتغدون عند الحكام والكبار، فقال السعدنى مداعبًا الرجل.. طيب أرفض العزائم دى ولا إيه.. قال الرجل.. لا يا سيدى أنا أريدك أن تتغدى معنا يوم وليكن غدًا إذا تكرمت وبالفعل وافق السعدنى على أن يتناول الغداء مع السائق الذى خصصوه له طوال زيارته التى استمرت خمسة أيام. وإلى بيت الرجل وهو بيت يشبه البيوت الريفية فى مصر جلس أهله وجيرانه وبعضهم عزف على العود وآخرون قالوا اشعار بدوية وآخر غنى وناقشوا السعدنى فى أمور الأمة والشىء الغريب أن السعدنى اعتبر هذا اليوم هو أجمل الأيام التى مرت عليه فى زيارته للمملكة لأنه جلس إلى الناس البسطاء الذين جاء منهم وانتمى إليهم طوال رحلته مع الحياة.