رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

من الناحية النظرية، انتهت حرب تحرير الموصل، ولم يعد يبقى طبقاً للبيانات الرسمية العراقية إلا جيوب قليلة، وعمليات كشف عما تركه تنظيم داعش من ألغام فى المنازل التى كان يتحصن بها، ومن تحطيم ونهب لمبانيها وآثارها، ومن ضحايا وقتلى وجرحى ومهجرين من أبنائها. ولا شك أن تحطيم الدولة المزعومة التى بناها تنظيم داعش هو إنجاز يستحق الاحتفال به، لأنه شكل ضربة قوية للعمود الفقرى الذى قامت عليه فكرة هذا التنظيم، وهو إقامة دولة، وتوفير الموارد المالية لها مما كان التنظيم ينهبه من آثار، أو يستخرجه من بترول، بدلاً من شن غارات على «فسطاط الكفر» فى دول العالم الغربى، وهى الاستراتيجية التى قام عليها تنظيم القاعدة، قبل أن تنشق عنه داعش.

لكن المشاكل التى ستنجم عن تحرير الموصل، لا تقل خطراً عن المشاكل التى تسبب فيها احتلال «داعش» لها. من بينها أن فلول تنظيم داعش التى فرت من الموصل ومن العراق سوف تتجه إلى دول أخرى منها مصر وليبيا وتونس واليمن والصومال، فضلاً عن قاعدتها فى الرقة داخل سوريا، مما يزيد من تعقيد المسألة السورية، فى وقت اتسعت فيه الآمال فى إمكانية احتواء آثارها المدمرة، وهو ما يتطلب جولات أخرى لمحاربة هذا الوباء.

لكن المشكلة الأكثر تعقيداً هى الخلافات بين الشركاء الذين ساهموا فى إلحاق الهزيمة بداعش، حول مكاسب الحرب، وغرائم إعادة إعمار الموصل. وصحيح أن الجيش العراقى قد ساهم فى القتال ضد داعش، وهو ما يفتح باباً للتفاؤل بإمكانية أن يلعب دوراً فى إعادة الاستقرار لبقية المدن العراقية، وخاصة منطقة الوسط، لكن القوى المحلية والإقليمية والدولية التى لعبت دوراً مهماً فى هزيمة داعش، تقودها مصالح متعارضة، ومنها الحشد الشعبى الذى يتكون من شيعة العراق، وأقسام أخرى تتمثل فى قوات البشمرجة التى تنتمى إلى أكراد العراق، فضلاً عن قوى إقليمية تتمثل فى كل من إيران وتركيا، وقوى التحالف الدولى الذى تقوده واشنطن.

بذور المشاكل بدأت تلوح فى الأفق. فإقليم كردستان العراق الذى يعد من الناحية النظرية إقليماً من دولة العراق يتمتع بالحكم الذاتى، أعلن عن إجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم فى سبتمبر القادم، حول البقاء داخل الدولة، أو الاستقلال عنها فى دولة مستقلة. وفضلاً عن أن ذلك سوف يكون خطوة لتقسيم العراق بشكل رسمى مما قد يغرى جنوب العراق على السير فى نفس الدرب بدعم إيرانى، فهو إجراء يثير مشاكل إقليمية بسبب أكراد تركيا، والدور الذى لعبه أكراد سوريا فى الحرب الأهلية التى تجرى فيها بما يسهم فى إحياء فكرة الدولة الكردية الواحدة التى تضم الأكراد فى الدول الثلاث، وتستميت تركيا فى الاعتراض على قيامها.

لو صحت تلك المخاوف التى أصبح أولها وشيكاً بعد عدة أسابيع وهو إجراء الاستفتاء، فمعنى ذلك أن النصر الذى تحقق فى الموصل ينطوى على مخاطر لا أول لها ولا آخر، ليس فقط بشأن بقاء ما كان يعرف منذ عام 1932 بدولة العراق موحداً، بعد أن كرس تحرير الموصل الطابع الطائفى للدولة بما نسب إليها من انتهاكات فى حق سنة الموصل ومسيحييها، ولكن أيضاً حول مستقبل استقرار المنطقة.

سوف تسعى الدول الممولة للإرهاب فى سياق خدمة أهدافها لتسهيل اختراق جيش داعش المهزوم لدول المنطقة، ولا شك أن تماسك الدول الأربع، مصر والسعودية والإمارات والبحرين فى موقفها الموحد ضد داعمى الإرهاب ومموليه، لاسيما وهى ساحات مرشحة لهذا التسلل والاختراق، من شأنه ليس إفشال ذلك المخطط فحسب، بل كذلك امتلاك القدرة على إقناع الدول الغربية أن التردد فى مواجهة هذا التنظيم وحلفائه فى قطر وتركيا وداخل التنظيم الدولى للإخوان مآله الوحيد تمدد إرهابه وعنفه إلى داخل بلادهم.