رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

معركة جرود عرسال، ليست كباقى المعارك، فالمنطقة ليست كباقى المناطق السورية الأخرى، فلا يوجد بها سكان، ولا بدو رحل، لذلك من المستحيل بالنسبة لإرهابيى داعش والنصرة إدخال انتحاريين إلى هناك، ومع ذلك يتوقع الجميع لتلك المعركة أن تكون طويلة، فقد تم تسليح الموجودين بها بشكل كبير من قبل كل من ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا، ولديهم صواريخ ميلان وتاو، إلى جانب أن اللاجئين السوريين الذين يقيمون على سفح الجبل فى عرسال، معروفون بدعمهم لأنشطة النصرة، لذلك سمح لهم الانتقال إلى المدينة وتم وضعهم تحت حماية الجيش اللبنانى.

بالطبع لا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد هؤلاء النازحين، ولكنهم بالآلاف، وفى الحقيقة أن جرود عرسال هى منطقة جبلية تبلغ مساحتها حوالى 150 كم مربع، يصل ارتفاعها إلى 3000 متر، وتقع بين لبنان وسوريا، تغطيها الثلوج بسماكة عدة أمتار فى فصل الشتاء، وبالتالى هى غير مأهولة بالسكان، لجأ إليها حوالى ثلاثة آلاف من إرهابيى النصرة وداعش منذ عام 2011، لم يبق منهم الآن سوى ألف موزعين على مجموعتين بين القاعدة وداعش، جرت مفاوضات منذ عدة شهور بين تلك المجموعات الإرهابية وسوريا التى اقترحت عليهم الخروج منها، مقابل نقلهم مع غنائم حروبهم إلى إدلب «شمال غرب سوريا الخاضعة لإدارة الناتو»، ولكنهم طالبوا حينها بالانسحاب إلى لبنان، لذلك لم يجد الجيش السورى وحزب الله حلاً سوى الهجوم، بينما قطع الجيش اللبنانى أى إمكانية تراجع.

والأزمة الحقيقية تكمن فى أن تنظيم داعش الذى يسيطر على جزء من الجرود فى سلسلة جبال لبنان الشرقية «يرفض استقبال مسلّحى النصرة مشترطاً مبايعة البغدادى، وهو أمر مذلّ للنصرة كما يقولون».

على الجانب الأخر نجد أن حزب الله أعلن من خلال «حسن نصر الله» أن المقاومة جاهزة لتسليم الأرض التى حررتها من الجماعات المسلّحة فى الجرود إلى الجيش اللبنانى، مشدداً فى الوقت نفسه على أن المقاومة لن تسمح لأحد بالاقتراب من مخيمات النازحين أو التعرض لهم بأى سوء، وإن التقدم فى الميدان فى جرود عرسال مستمر، مضيفاً أنه طلب من المقاومين التقدم بشكل مدروس، خاصة أن لجوء مسلحى «جبهة النصرة» إلى مخيمات النازحين يتطلب مسئولية كبيرة ولا سيما مع وجود مدنيين، لذلك لا يجب التسرع، خاصة أن التمهل يعطى مجالاً لاحتمال التفاوض والتسوية.

وفى الحقيقة أن معركة جرود عرسال جزء من معركة كبرى قائمة فى المنطقة منذ أشهر طويلة، على جبهات متعددة غير موحدة، وهى لا تنفصل عن الذى حصل فى مدينة الموصل العراقية، وما يحدث فى بعض المدن والبلدات السورية المختلفة، خصوصاً الرقة ودير الزور وإدلب، بعد أن باتت الحرب على الإرهاب هدفاً لمختلف القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، والأشهر السابقة شهدت تسابقاً بين تلك القوى على وراثة المناطق التى يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابى، فوقعت معركة الموصل المدعومة من التحالف الدولى لمحاربة الإرهاب الذى تقوده واشنطن، ومعارك أخرى قادها التحالف نفسه عبر «قوات سوريا الديمقراطية» داخل الأراضى السورية، فى حين دخلت الحكومة التركية على الخط عبر عملية «درع الفرات» بينما المحور المقابل، الذى يضم روسيا وسوريا وإيران، كان يخوض معاركه الخاصة أيضاً، أبرزها العملية العسكرية فى البادية التى كانت مؤشراً على تضارب المصالح والأهداف بين واشنطن وطهران بشكل أساسى.

جاء كل ذلك بالتزامن مع اللقاء بين الرئيسين الروسى فلاديمير بوتين والأمريكى دونالد ترامب، الذى نتج عنه الاتفاق حول وقف إطلاق النار أو الهدنة فى جنوب سوريا، الذى يشمل إخراج عناصر «تحرير الشام» من المنطقة، نظراً إلى أن واشنطن لا تستطيع أن تضمن الاتفاق فى حال استمرار وجود الهيئة فى المنطقة، وطرح سيناريوهين على هذا الصعيد، وهما مغادرة هؤلاء العناصر إلى مدينة إدلب أو حل «الهيئة» وانضمام مقاتليها ضمن فصائل أخرى غير مصنفة إرهابية، بالتوازى مع اشتعال الجبهات فى محافظة إدلب، التى تسعى أنقرة إلى السيطرة عليها، بين حركة «أحرار الشام» وهيئة «تحرير الشام»، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك توافقا إقليميا ودوليا على محاربة الإرهاب، المتمثل بـ «داعش» و«النصرة» استغلته بيروت للتخلص من البؤرة القائمة داخل الأراضى اللبنانية.