رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

أثار مسلسل «الجماعة ٢» من الأسئلة أكثر مما قدم من إجابات، وإن كان قد قدم من الحقائق والمعلومات الشىء الكثير سواء كان قد أعجب المشاهدين ما تلقوه من معلومات أو لم يعجبهم. فقد كشف المسلسل النقاب عن العديد من العلاقات بين رجال ثورة يوليو وتنظيم الإخوان وبينهم كبار قيادات الإخوان فى ذلك العهد ومفكرهم الأوحد سيد قطب الذى شرع لهم تكفير المجتمع، وأحل لهم استخدام العنف لتقويم المجتمع وإصلاحه على النحو الذى ترضى عنه الجماعة. وإذا كان مسلسل «الجماعة ١» قدم إلى الجماهير منظمة مارقة تنتهج العنف سبيلاً للتخلص من أعدائها من رجال الحكم ومن القضاة، فقد تم ذلك فى فترة زمنية سابقة تباعدت الشقة بينها وبين جماهير المشاهدين الذين تابعوا العمل بوصفه حكاية تاريخية تخص الماضى، وأن الجماعة تعيش على هامش الحياة دون أن تشكل خطراً كبيراً عليهم. أما «الجماعة ٢» فقد عرضت بعد أن تمكنت الجماعة من ركوب الموجة الثورية التى حدثت نتيجة ثورة ٢٥ يناير واختطفت الثورة لصالحها، إلى أن تمكنت من حكم البلاد لمدة عام كامل انتهى بثورة الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣. وبذلك قدم مسلسل الجماعة إلى جمهور يعرف الجماعة تمام المعرفة، كما أن العلاقة بينه وبينها تجاوزت حدود المعرفة إلى العداء المتبادل. فالجماعة توعدت وما زالت تتوعد المجتمع بالويل والثبور وعظائم الأمور، والمجتمع ثار على حكمها وأفسد مخططاتها التى كانت تعمل جاهدة على التمكين ومواصلة حكمها لخمسمائة عام قادمة.

ومن خلال هذه العلاقة المركبة، تلقت الجماهير هذا الجزء من المسلسل، فرفضت بإصرار أن تكون هناك أى علاقة تربط بين الزعيم جمال عبدالناصر وتنظيم الإخوان غير عابئة بأى معلومات موثقة أو شهادات تاريخية تؤكد ذلك، فما يهم الجماهير أن هذه الجماعة التى شقت صف المجتمع وأقدمت على قتل أبنائه دونما وازع من ضمير أو أخلاق لا تستحق أن تحظى بشرف انتساب شخصية تاريخية مثل جمال عبدالناصر إليها. وقد أمسك الكاتب الكبير وحيد حامد ببراعة بتلابيب الموقف، رغم ما يكتنفه من أشواك، فقدم الحقائق التاريخية بموضوعية دون أن يفرط فى موقفه المبدئى من الانحياز إلى صف المجتمع والجماهير. وقد تجلت براعة الكاتب كذلك فى تقديم هذا الجزء من المسلسل من خلال شخصية سيد قطب، التى قامت بدور محورى فى تجميع ما كان قد تبقى من الجماعة بعد سجنهم فى الخمسينيات من القرن الماضى على يد جمال عبدالناصر وفرار الكثير من قياداتهم إلى خارج البلاد. وقدم المسلسل الدور الذى لعبه قطب من خلال كتاباته من داخل السجن، وقيام أختيه بنقل هذه الكتابات إلى خارج السجن والتفاف العناصر الإخوانية حولها والتآمر على الدولة باغتيال الرئيس وقلب نظام الحكم. ولا تتوقف أهمية سيد قطب وما لعبه من أدوار عند حدود تلك الفترة التى عاش فيها من خمسينيات وستينيات القرن الماضى، ولكنها تتجاوزها إلى الفترة الراهنة التى نعيشها فى هذا الجزء من القرن الحادى والعشرين، حيث يحتدم الصراع بين المجتمع المصرى وما توارثته الأجيال المعاصرة من أفراد الجماعة من أفكار وآراء سيد قطب التى تكفر المجتمع وتدعو إلى اجتثاثه من جذوره وإحلال مجتمع جديد تكون فيه الحاكمية لله. وتنطوى فكرة الحاكمية لله على قيام حكم دينى يعمل فيه الحاكم كما لو أنه ظل الله على الأرض، فلا سبيل إلى مناقشة آرائه وأحكامه، فله الأمر وعلينا الطاعة. ولما كانت مجموعة القيادات الإخوانية التى حكمت مصر ما بين يونيو ٢٠١٢ ويونيو ٢٠١٣ تنتمى إلى المجموعة القطبية المتشددة، فإن لنا أن ندرك مدى خطورة هذا الرجل وأهمية قيام المسلسل بوضعه فى بؤرة الاهتمام. تحية لصانعى هذا المسلسل بدءاً بالمؤلف وحيد حامد والمخرج شريف البندارى ونجوم العمل عبدالعزيز مخيون ومحمد فهيم وصابرين وياسر المصرى، ونرجو أن نرى المزيد من مثل هذه الأعمال الجادة.