رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

تابعت عددا لا بأس به من برنامج "شيخ الحارة" وفي كل مرة كنت أشعر بالأسف لأن المسئولين عن هذا البرنامج أهدروا فرصة لتقديم عمل جيد رغم توفر عناصر كثيرة كانت كفيلة بأن يكون هذا البرنامج نموذجاً للبرامج الجيدة فعناصر الاجادة المهنية متوفرة.

أولاً: المذيعة تتمتع باطلالة مريحة وابتسامة هادئة ونبرات صوت يبعث علي الثقة وترتاح له الأذن.

ثانياً: فكرة البرنامج تقوم علي أساس تقديم جوانب لا يعرفها كثيرون عن حياة الضيف ومنها ما يكشف عن تناقض صارخ في موقف الضيف الذي يحاول أن يفسر ويبرر.  ومثل هذه الفكرة لها جاذبية إذا تم استغلالها بشكل جيد وبغير استفزاز أو تربص بالضيف.

هذه  العناصر كان من الممكن أن تضمن للبرنامج تميزا مهنيا غير أن الرغبة في الاثارة وانحياز المذيعة أخرجا البرنامج من دائرة الأعمال الجديرة بالاحترام مهنياً.

وهذا الجنوح إلي الاثارة ربما جذب نوعية معينة من المشاهدين، بل ربما حقق نسبة مشاهدة عالية، لكن هناك فرق بين نسبة مشاهدة ترتكز علي أسس مهنية محترمة ونسبة مشاهدة تعتمد علي الاثارة والتنكر للمعايير المهنية. فنسبة المشاهدة في الحالة الأولي التي يتم فيها الالتزام بالقواعد والمعايير  المهنية غالباً ما تكون من الشرائح الاجتماعية التي نالت حظاً معقولاً من الثقافة، أما المشاهدون في الحالة الثانية والذين تجذبهم الاثارة التافهة فهم من فئات  اجتماعية لم تنل حظاً من ثقافة فتدنت ذائقتها الفنية وتقبل هذه الفئة علي كل ماله علاقة بالاثارة بكل الوانها مهما بلغت تفاهتها.

نعود إلي العناصر التي هبطت بالمستوي الفني والمهني لبرنامج "شيخ الحارة".

أولاً: تخلت "المذيعة عن الحياد" وهوـ أي الحيادـ  أحد أهم العناصر الجوهرية التي يجب أن يحرص عليها المحاور. فالمذيعة كانت تبدي موافقتها وتأييدها لرأي الضيف إذا صادف قناعتها  الشخصية، وتجادل من يختلف مع هذه القناعة جدالاً يحاول تسفيه رأيه فتحلت بهذا عن الحياد الذي يحتم علي المحاور أن يلتزم به.

ثانياً: تتبادل المذيعة عبارات الثناء والإعجاب بالمواقف عندما يكون الضيف ممن يرون رأيها ومع ابداء هذا التوافق يشعر المشاهد أنه أمام "تمثيلية" وليس أمام حوار جاد..

ثالثاً: يقحم كثير من الضيوف عبارات تكشف عن بعض الأمور الأسرية والشخصية للمذيعة في إطار الاشارة إلي الصداقة التي تربط الضيف بالمذيعة وهو الأمر الذي  يوحي للمشاهد بأنه يتابع دردشة أسرية أو عبارات مجاملة عائلية فيتراجع احساس المشاهد بأنه أمام حوار جاد وموضوعي.

رابعاً: الفقرة الأخيرة من البرنامج تمثل انتهاكا فادحا  للمهنية، فالمذيعة تطلب من الضيف ابداء رأيه في شخص تظهر صورته علي  الشاشة. والأمر لا يخرج عن حالتين.. حالة يكون فيها الضيف من المعجبين بصاحب الصورة وتربط بينهما صداقة فنسمع من الضيف عبارات المديح والثناء. أما الحالة الثانية فيكون فيها صاحب الصورة ممن يختلف مع الضيف فكرياً أو سياسياً فينهال الضيف بعبارات التخوين  والازدراء والسباب خاصة إذا كان صاحب الصورة ممن لا ترضي  عنهم سلطات الحكم وفي هذه الحالة يبلغ سباب الضيف وازدراؤه لصاحب الصورة ذروة عالية ليقدم بذلك قربان الولاء ـ حسب تصوره ـ للسلطة الحاكمة..

وفي كل الأحوال فمثل هذه الفقرات التي تتيح لطرف أن يكيل السباب والشتائم والاتهامات للآخرين دون أن يتمكن من تم ازدراؤهم وسبابهم بالرد فورا وفي نفس الوقت، مثل هذه الفقرات لا تنتمي مطلقا للاعلام لأنها تهدم أحد أهم أركانه وهو اتاحة الفرصة المتكافئة لكل  من يختلف في الرأي للرد علي من يختلف معه.

هذه هي النقاط الجوهرية التي رأيت معها أن برنامج "شيخ البلد" أهدر فرصة متاحة كان يمكن أن تجعل منه نموذجا للبرامج المتميزة مهنياً وانزلق الي هاوية أخرجته تماماً من دائرة الاعلام المهني المحترم.