رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نــــــور

>> طلبت منكم، عبر ثلاث مقالات متتالية، ضرورة تخلص البلاد من ثقافة «اقتصاد الساندوتش» الذى روج له إعلامنا، خلال الشهور الماضية، بالتشجيع والتهليل، لكل من يعمل فى بيع الساندوتشات، والكراتين، وأكياس الشيبسى، لمجرد أن رئيس الجمهورية استقبل فتاة تعمل فى هذا المجال، وتحدث عن أخرى، فى مؤتمر الشباب، وسردنا نماذج، يمكن تشجيعها فى صناعة الزجاج، وتربية الأرانب، باعتبارها «أشغال» يمكن لها المساهمة فى الناتج القومى، وتوفير العملة الصعبة!

>> ولأننا فى بلد ذاكرته ضعيفة يجب أن نتذكر، ما يؤكد، أن هذا الوطن لن يصعد بدون عمل حقيقى، فيه إنتاج، وليس بيع منتجات استهلاكية نشتريها من غيرنا، بمليارات الدولارات، حتى تدهورت قيمة العملة المصرية، لأننا نشترى، ولا نبيع لغيرنا، ولا نملك مقومات اقتصاد حقيقى، قائم على امتلاك سلعة استراتيجية، نبيعها لنكسب، أو على أقل تقدير نستهلكها داخلياً دون الحاجة لشرائها من الخارج!

>> ما رأيكم فى مقارنة بسيطة مع كوريا الجنوبية، التى بدأنا معها صناعة السيارات فى مطلع الستينيات، هم أنتجوا السيارة «هيونداى» ونحن قررنا تصنيع السيارة «رمسيس»، وبعد أكثر من خمسين عاماً، من هذه البداية المبشرة، اختفت سيارتنا «رمسيس» من شوارعنا، وأصبحت السيارة «هيونداى» تغزو العالم، وتسيطر على شوارع القاهرة!

>> ما هو الفارق؟ لماذا فشلنا نحن.. ونجحوا هم؟ الموضوع بسيط.. فى كوريا قرروا وضع استراتيجية صارمة لا تقبل التغيير، قرروا الاعتماد على الصناعة كوسيلة عبور للمستقبل، من خلال مشروع صارم، لا يتأثر بتغيير حاكم، ولا يخضع لأهواء مسئول، وعملوا وانتجوا، فأصبحوا يمتلكون مستوى مهارياً كبيراً فى صناعة السيارات، أما نحن فقد تركنا العشوائية تسيطر على مساكننا، وتعليمنا، وحياتنا، فتوقفنا عن الإنتاج وأصبحنا نستورد «التوك توك» من الهند!

> الآن.. أصبح ترتيب اقتصاد كوريا الجنوبية الخامس عشر عالميًا نتيجة لمعدل الناتج المحلى الإجمالى، ويتم تصنيفها ضمن البلدان المتقدمة والأسواق المتقدمة عالية الدخل، وتتمتع باقتصاد كان الأسرع نموًا فى الفترة ما بين الستينيات والتسعينيات.. ونحن نبحث عن وسائل تسديد الديون، بل جزء كبير منها دين محلى!!

> حدثت المعجزة فى كوريا، رغم أنها لا تمتلك موارد طبيعية تؤهلها للفوز بغنائم السوق، ورغم أنها تعانى من الانفجار السكانى ووجود أعداد هائلة من السكان فى مساحة صغيرة من الأرض، وهى نفس ظروفنا تقريباً، ولكنها قررت تحويل هذه القيمة السكانية إلى قوة إيجابية، فاتجهت إلى استراتيجية الاقتصاد التصديرى، فأصبح العمل هدفه التصدير، وكل التسهيلات يتم منحها لمن يقوم بالبيع لـــ«زبون» خارج كوريا، لأنها أدركت مبكراً، أن البيع هو السبيل لبناء اقتصاد قوى، وأن الاعتماد على الخارج فى توفير الاحتياجات، يهزم أقوى الدول ولذلك أصبحت، الآن، سادس أكبر دولة مصدرة فى العالم.

> قرار كوريا الجنوبية بالصعود، لمن يريد أن يعرف معنى التقدم، بدأ فى مطلع الخمسينيات بعد الحرب الكورية التى استمرت ثلاث سنوات، وكانت حرباً مدمرة، ولذلك كان التركيز الأساسى على الإنتاج المحلى من الصناعات الخفيفة التى لا تحتاج لرأس المال أو المهارات العالية أو الادارة، فانطلقت صناعة الغذاء والمنسوجات، وفى الستينيات انتقلت كوريا إلى مرحلة جديدة للتصنيع حيث بدأت فى خطة اقتصادية لمدة خمس سنوات بدأت عام 1962 هدفها تطوير الاقتصاد والاتجاه إلى تصدير الصناعات الخفيفة كالمنسوجات والخشب المصفح والجلود، وبدأ التصنيع الثقيل مثل صناعة السيارات، واتجهت فى الثمانينيات بقوة لصناعة البرمجيات، والتكنولوجيا، وقامت بغزو العالم بالأسعار المنخفضة للمنتجات، وتميزت منتجاتها بالكفاءة واعتدال السعر!

> فى نفس هذا الوقت، كله، كنا نحن هنا مشغولين بحرب اليمن، وحرب يونية، وانتصرنا بفضل الله وبفضل أبطال القوات المسلحة، ولكننا ظللنا ندور فى فلك السياسات المتضاربة، والقرارات العشوائية، وانغمسنا فى إنتاج أفلام ومسلسلات لا يراها غيرنا، لننفق مليارات الجنيهات، على صناعة التسلية، وليتنا نبيعها لغيرنا، لجلب عملة صعبة، ولكننا ننتجها لنستهلكها وحدنا، فى بلد يعانى من الفقر، ولايزال يبحث عن طريقه!

>>>>> وللحديث بقية.

[email protected]