رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

الصورة الذهنية عن «الديسكو» أنه مكان يلتقى فيه الشباب فى حفلات صاخبة يمارس فيها رواد هذا المكان التصرفات المنفلتة المتجاوزة لكل القيود الاجتماعية، وربما الأخلاقية أيضًا.

ولم أجد وصفًا يعبر بدقة عن شاشات القنوات التليفزيونية فى مصر أفضل وأكثر دقة من وصفها بأنها «ديسكو رمضان».

هذه الشاشات ينشغل المسئولون عنها طوال شهور العام بالإعداد لما سيقدمونه خلال شهر رمضان باعتبار هذا الشهر يمثل ذروة المشاهدة، وبالتالى يمثل الفترة الزمنية الأكثر جذبًا للإعلانات، وبالتالى للموارد المادية للقنوات.

من هنا تصور المسئولون عن هذه القنوات أن كل ألوان الإثارة هى الأكثر جذبًا للمشاهد، فأمعنوا فى البحث عن كل ما هو أكثر إثارة حتى إن بلغت هذه الإثارة قاع الانحطاط. وكانت النتيجة الطبيعية أن المراهقات والمراهقين اتخذوا من أبطال الإثارة المنحطة مثلهم العليا، فقلدوهم فى سلوكياتهم المنحطة واستخدموا المفردات اللغوية الشاذة التى تتدفق بغزارة فى حوارات المسلسلات التى تعرض فى رمضان.

لم أستطع أن أمنع نفسى من استحضار بعض صور البرامج والمسلسلات التى كانت الإذاعة المصرية والتليفزيون يحرصان على تقديهما خلال شهر رمضان.

كان المسئولون يولون هذا الشهر اهتمامًا خاصًا ويعرفون أنه بالفعل يمثل ذروة الاستماع والمشاهدة وكانوا يحرصون على الاستعداد لهذا الشهر بالعديد من البرامج الترفيهية والمسلسلات.

الفرق.. أن المسئولين فى هذا الزمان المحترم كانوا من المثقفين المدركين لرسالة وسائل الإعلام والحريصين على استغلال كثافة المشاهدة لبث العديد من القيم الأخلاقية والاجتماعية المحترمة التى تساهم فى الارتقاء بأذواق الجماهير وسلوكياتهم.

كانت «الفوازير» جرعة ترفيه راقية وكانت تقدم ألوانًا شتى من الإبهار الفنى، وفى الوقت نفسه تعالج الكثير من السلوكيات السلبية فى المجتمع بجاذبية فنية عالية.

وكانت الأفكار كل عام تتنافس فى تقديم برامج ومسلسلات لها جاذبية عالية بمستواها الفنى المتميز ومن خلالها تتسرب بذكاء شديد وبغير افتعال السلوكيات والقيم الاجتماعية والأخلاقية المحترمة.

هل ننسى استخدام الإطار الفنى الجذاب لحكايات «ألف ليلة وليلة» التى تحلقت حولها الملايين من المشاهدين لتتسرب إليهم مجموعة من القيم الأخلاقية والاجتماعية التى تم بثها فى صلب الأحداث الجذابة؟ هل ننسى «الشعر الحلامنتيشى» الذى قدم فكرته بابا شارو ليقدمه المونولوجست «سيد الملاح» الذى كان يقدم نقدًا لاذعًا وطريفًا لكل السلوكيات السيئة؟! هل ننسى فوازير صلاح جاهين التى كانت تقدمها آمال فهمى والتى تعلق بها الملايين؟ هل ننسى برنامج «رمضان حول العالم» الذى يقدم تعريفًا بالبلاد الإسلامية من خلال عادات شعوب هذه البلاد فى شهر رمضان؟! هل ننسى «من وحى قصص القرآن الكريم» من إخراج يوسف الحطاب وتأليف محمد على ماهر.

هل ننسى مسلسلات «ليالى الحلمية» لأسامة أنور عكاشة و«يوميات أبوالعلا البشرى»، ومسلسلات السير الذاتية لرموز الفكر أمثال قاسم أمين ورموز الفن أمثال «أم كلثوم».

الأمثلة لا تحصى وكلها تؤكد أن المشكلة سببها عدم إدراك المسئولين لخطورة تأثير ما يبث بالإذاعة والتليفزيون واستسلام هؤلاء المسئولين لمنطق شركات الإعلان، وهذه الشركات يتصور القائمون عليها أن المستمع والمشاهد لا تجذبه إلا الإثارة المنحطة.

لقد آن الأوان لوقفة جادة أمام هذه المهزلة حتى لا يصل بنا الأمر إلى أن يتحول شهر رمضان على هذه الشاشات من مجرد «ديسكو» إلى «ماخور».. وقد بدأت البوادر بالفعل؟!