رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فند الدكتور جمال حمدان الشخصية المصرية سلبياتها ومميزاتها بكلمات بديعة صدق فيها وتحرى الصدق وتعامل معها بموضوعية العلم وخرج منها بعيدًا عن تحيزه الشخصى كونه مصريًا، فما كان يهدف من هذه الإطلالة إلا أن يضع أمام أعين المثقفين المصريين والعامة سلبياته كى يتجنبها وميزاته كى يحرص عليها فيدعو بها إلى إعادة بناء الإنسان المصرى, هذا هو حرص حمدان المثقف أن يعلو ويتسامى عن كل متغيرات الحياة، فصاغ لنا فى ملحمته الخالدة وموسوعته «شخصية مصر» هذه أهم جوانب الشخصية المصرية سواء السلبية منها أم الإيجابية.

ما هى خصائص الشخصية المصرية؟ التدين على رأسها.. وهو مردود لحضاراتها الزراعية، بكل ما يتصل بها من سمات الصبر والدأب والجلد والتحمل، ثم المحافظة.. نتيجة للاستقرار وبسببه، فالاستقرار استمرارية، والاعتدال وإن يكن غير بعيد عن المحافظة، ولكنه يوفر هامشًا معقولًا من المرونة والتلاؤم والتغيير والحيوية التى تضمن له على أقل تقدير القدرة على التطور البطيء، التطور خطوة خطوة وبالجرعات الصغيرة، وبالتالى تضمن له البقاء الطويل على المدى البعيد، وبحكم الاعتدال، فالمصرى أميل للشخصية الاجتماعية المنطلقة غير المنغلقة، كما أنه أجنح للتعاون منه للتنافس، ومن الاعتدال إلى الواقعية، فقد علمته البيئة والتجربة.. أى الجغرافيا والتاريخ.. احترام الواقع وعدم الانفصال عنه أو التناقض معه، وإلا فهو يهرب منه بالتدين أو يواجهه بالنكتة. ومن المسلم به أن مصر لم تعرف كراهية الأجانب قط.. بحكم موقعها وسط الدنيا، لم تعرف العنصرية أو التعصب الجنسى، ولا تاريخها، ولقد رأينا كيف امتزجت العناصر فيها كيماويا، وذلك بفضل قوة امتصاص نادرة، ولعل الشىء نفسه يمكن أن يقال عن الناحية الدينية، فالتسامح الدينى من أقدم خصائص المصرى القديم، جعلته يتقبل الأديان ويقبل عليها على مر التاريخ، وليس صدفة على الأرجح أن مصر هى التى أضافت إلى المسيحية الرهبنة، وإلى الإسلام من بعدها التصوف، كما لم تعرف المذابح الدينية أو محاكم التفتيش، فقد جنب تعدد الأديان التعصب الدينى وجعل التسامح ضرورة حياة، أما فى الحضارة فلا يبرز فى التفاعل مع الحضارة الغربية الحديثة، والمدنية المصرية اليوم تجسيم واضح لعناصر القديم والجديد، وريفنا بدوره يمثل تضاغطًا للتاريخ فى أكثر من ناحية، فإلى جانب المحراث والشادوف وغيرهما من أدوات القرن العشرين قبل الميلاد، نجد الجرار والخزان وغيرهما من نتاج القرن العشرين بعد الميلاد.

روى الإمام مسلم من حديث أبى ذر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون أرضا يُذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذِمَة ورَحَمِا» والمقصود مصر. ويقول توفيق الحكيم ان المصرى إذا شققت عن جلده فستجد حضارة ستة آلاف سنة بس اعطيه الفرصة. إن الشخصية المصرية شخصية متفردة تستحق الدراسة لما تحويه من أسرار مترسبة فى النفسية المصرية منذ آلاف السنين أسرار متنوعة الطباع ثابتة الأصول شخصية تحوى الصفات الحسنة والصفات الخبيثة وهذا طبيعى، لأن المصريين ليسوا ملائكة ولكن الملاحظ أن الصفات الحسنة هى التى تطفو على السطح وهى الثابتة فى الشخصية المصرية وهى التى تكون مجمل الشخصية المصرية. ويجب النظر إلى الصفات الخبيثة بأنها صفات سلبية مرضية ناتجة من الخوف من مواقف حياتية ولعل كل ما كان وما يكون وما سيكون على الشخصية المصرية يمثل دفاعًا ضد التفسخ والتفكك والانهيار فهو دفاع ضد (المرض) كما ترى سوزان سونتاج فى مقالتها (المرض) كاستعارة. فلذلك الصفات السلبية فى الشخصية المصرية تمثل مرضا تكافح الشخصية المصرية ضده. الطبيعة السمحة البسيطة المعطاءة قد أعطت للشخصية المصرية بعض الصفات الإيجابية, الشخصية المصرية مثل الطبيعة المصرية لا تتغير بسهولة ولا تتغير بسرعة، بل تميل إلى الاستقرار والوداعة.