رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الأيام الماضية انشغلت القاهرة بانعقاد مؤتمر «الحرية والمواطنة... التنوع والتكامل» . وفى الحقيقة أن الحوار بين الاديان فى حاجة الى إحداث ثورة قوية ؛وتحريك المياه الراكدة؛ والابتعاد عن الكلمات الرنانة, والمصافحات والاحضان أمام الكاميرات. فالقضية أعمق من ذلك وأقوى، والمعوقات كثيرة وخاصة أن فهم العالم الغربى للإسلام ملىء بالمهاترات والأخطاء العديدة؛ ويشاركنى فى الرأى «عدنان سيلاجيتش»، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية والمقارنة بين الأديان فى كلية الدراسات الإسلامية فى سراييفو من خلال كتابه «مفهوم أوروبا المسيحية للإسلام» ،وهو دراسة بوسنية لرؤية الإسلام والمسلمين فى العصور الأولى فى كتابات المؤلفين المسيحيين البيزنطيين والأوروبيين ثم فى عصر النهضة الأوروبية  والكتابات فى القرنين التاسع عشر والعشرين حتى المجمع الكنسى الثانى فى الفاتيكان عام 1965؛ ولقد ترجمه جمال الدين سيد محمد. وأعد عنه دراسة وافية «صالح محروس محمد» طارحاً معوقات الحوار بين المسلمين والمسيحيين بعيداً عن الجولات الحوارية الشكلية التى تظهر غير ما تبطن. والتى استمرت عبر القرون الماضية. فالتاريخ يعلّمنا أن ثمة تناقضاً بين الحوار الرسمى والحوار بين المؤمنين العاديين، واللقاءات الأولى للمسيحيين السريانيين والبيزنطيين مع الإسلام والمسلمين يحدوها الرفض والإدانة مقدمة صورة الفهم المسيحى للإسلام لقرون طويلة. لذلك رأى الكاتب أنه إذا أردنا حواراً فعالاً بين المسيحيين والمسلمين فى أوروبا لا بدّ من التخلّص من الأحكام المسبقة ومن الأحقاد الشخصية لخلق أشكال جديدة من التفاهم بين الحضارتين. وخاصة أن الحوار بين المسلمين والمسيحيين بدأ منذ بداية الاسلام. ففى مكة إبان حياة النبى محمد صلي الله عليه وسلم كان يوجد مسيحيون أمثال ورقة بن نوفل قريب  زوجة الرسول؛ وفى العصر الأموى والعصر العباسى شارك المسيحيون فى الحضارة الإسلامية، فقد كان الطبيب الخاص للخليفة العباسى فى بغداد مسيحيا وهو الطبيب حنين بن إسحاق.

وشهد العصر الأموى فى دمشق علاقة قوية بين المسلمين والمسيحيين، وحرية كبيرة جعلت أمثال يوحنا الدمشقى وهو أول من كتب يهاجم الإسلام ويتهم الرسول عليه السلام بأنه نبى مزيف ألَّف القرآن بالاستعانة بكتب اليهود والنصارى، ثم ادعى أنه رسول يُوحَى إليه من السماء. ومع ذلك تواجد «يوحنا الدمشقى» وشارك فى مناظرات بما فيها تلك التى تجرى فى قصر الخليفة، وشُهد له أنه كان يعرف  القرآن بشكل جيد، فى حين أن الحديث لم يكن قد جمع بعد. وقد ترك مؤلفين هما محاورتان ساقهما بين مسيحى ومسلم وكان الغرض من هذين الكتابين أن يكونا مستندًا مساعدًا فى مناقشة المسلمين؛ وكتابه المشهور باسم «De Haeresbius: الهرطقة»، هاجم فيه الرسول متهما إياه بأنه نبى زائف..ويؤكد الكاتب مسئولية مؤلفات علماء ورجال الدين المسيحى فى الدولة البيزنطية فى الوقوف كحائط سد بين الحوار المسيحى - الإسلامى لتميزها بالعدوانية والكراهية للإسلام ونبيه والسخرية من محمد باعتباره ساحراً يتملكه الشيطان وتشويه كامل للإسلام فكانت الأساس الذى بنيت عليه كراهية الغرب للإسلام. 

 الى جانب أن الفكر الأوروبى فى العصور الوسطى كون عبر الأساطير والحكايات الشعبية المنافية منها ملحمة رولاند الرواية المحفزة للنبلاء على قتال المسلمين. وأسطورة المعذب برفكتوس الذى وصف الرسول محمد بالمشعوذ والمهووس بالجنس والمسيح الدجال. الى جانب مؤلفات كتاب عصر النهضة الذين جعلوا من الإسلام والبروتستانت هرطقة مسيحية. وهناك روبرت أوف كيتون المهتم بالمؤلفات العربية فى علم الفلك والهندسة وقد علم روبرت أوف كيتون من بطرس المكرم أن هدفه تعريف الغرب بالإسلام الذى يعتبره هرطقة من الهرطقات الكبرى التى هددت المسيحية، وهى نفس أفكار بطرس المكرم .وقد قام روبرت أوف كيتون بترجمة خاطئة مغرضة لمعانى القرآن الكريم، كان لها تأثير سيئ فى صياغة تلك العقيدة الغربية تجاه الإسلام ونبيه. وقام روبرت أوف كيتون فى ترجمته لمعانى القرآن الكريم بإعادة ترتيب السور وعمد إلى الاختصار والتشويه المتعمّد والحذف والإضافة. على الجانب الآخر هناك دراسة جادة عن الإسلام فى الغرب قام بها بطرس ألفنسو فى عام 1108 م فى كتابه (الحوار) مترجماً بعض آيات القرآن والتى سبقت أول ترجمة لمعانى القرآن الكريم فى الغرب. وفى الحقيقة أن المشوار طويل لخلق حوار حقيقى بين الاديان ولكن الخطوة الاولى والأهم هى صدق النوايا.