رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، قدم الدكتور عبدالمنعم سعيد رؤيته لكيفية التصدى للهجمات الإعلامية التى تشنها القوى المعارضة لنظام الحكم فى مصر مستغلة التطور الهائل فى وسائل الاتصال الجماهيرى.

وترتكز هذه الرؤية على ضرورة إنشاء جهاز متخصص يتبع الجمهور مهمته التصدى لهذه الهجمات بواسطة «متحدث رسمى»، وشدد على أهمية توقيت الرد، بادر الرئيس السيسى بالثناء على هذه الرؤية ووعد بأنه سيضعها موضع التنفيذ.

لا شك فى أن الدكتور عبدالمنعم سعيد لديه تفاصيل كثيرة حول هذا الموضوع، لكن المناسبة والوقت المتاح له لإلقاء كلمته لم يسمح بأكثر من تقديم الرؤى من ناحية المبدأ.

والفكرة مطبقة فى كل الدول المتقدمة، بل إن الفكرة تم تطبيقها من قبل بوسائل مختلفة تراوحت بين تعيين متحدث رسمى باسم رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس عبدالناصر «تولى هذه المسئولية لفترة الأستاذ حسنى الحديدى، كبير المذيعين بالإذاعة المصرية آنذاك» وتولاها فى عهد الرئيس السادات لبعض الوقت أيضًا الأستاذ سعد زغلول نصار «وهو فى هذه الفترة يشغل منصب مدير إذاعة صوت العرب» وفى عهد مبارك كان وزير الإعلام الأستاذ صفوت الشريف يمارس هذه المهمة عند الضرورة.

ومن عاش فى هذه الفترات لم يلحظ أن هذا المتحدث الرسمى قد نجح فى التصدى لأية هجمات تعرض لها نظام الحكم آنذاك.

السبب أن القيادة السياسية فى تلك الأيام كانت ترى أن مهمة المتحدث الرسمى هى «تبرير» أية تصرفات واستخدام العبارات «الإنشائية» الرنانة فى الرد على ما يثار من مآخذ وأخطاء لنظام الحكم.

ولا شك أن هذا التوجه كان سببًا فى فشل هذه التجربة أو على الأقل فى عدم قدرة المتحدث الرسمى على تحقيق الهدف الذى من أجله أنشئ هذا المنصب وهو كشف فساد ومغالطات وأكاذيب من يهاجمون نظام الحكم.

من هنا، فإن نجاح المتحدث الرسمى باسم الدولة مرهون بالتوجه الذى تتبناه القيادة السياسية وبإيمان هذه القيادة بأن الاعتراف بالأخطاء والعمل على معالجتها لا ينال من هيبة هذه القيادة بل إنه يزيد من «ثقة الجماهير» فى أمانتها وإخلاصها.

ويتأكد نجاح هذه التجربة إذا تمت على نحو يحقق فعلًا الهدف منها:

أولاً: أحد أسباب النجاح الجوهرية ذكر الحقائق، مهما كانت قاسية ومؤلمة ومهما كشفت عن أخطاء ارتكبها كبار المسئولين بقصد أو بغير قصد، على أن يقترن ذكر هذه الحقائق بإجراءات يتم اتخاذها لمعاقبة المخطئ إذا كان الخطأ متعمداً، فإذا ثبت أن الخطأ ارتكبه متعمدًا من يتولى مواقع قيادية عليا، كان العقاب مضاعفًا ومعلنًا.. فإذا كان الخطأ غير متعمد وتم تداركه نذكر التفاصيل كاملة وبكل وضوح.

ثانياً: الاهتمام بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالفساد والفشل بكل صورها. خاصة إذا تم تداول أخبار هذا الفساد أو الفشل فى الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعى أو حتى ظل فى إطار الشائعات التى تنتشر بين الجماهير.

ويتم ذكر الحقائق كاملة مقترنة بالإجراءات التى تم اتخاذها لمعاقبة من تثبت إدانته، أو تقديم الأدلة المادية المقنعة التى تثبت كذب هذه الشائعات.

ثالثًا: التوقيت عنصر بالغ الأهمية فى هذا السياق.. فسرعة التوضيح يساهم فى وأد الشائعات الكاذبة فى مهدها قبل أن يتسع نطاق انتشارها وتترسخ فى النفوس باعتبارها حقيقة.

رابعًا: علنية الرد عنصر بالغ الأهمية أيضًا، ويتم هذا بمؤتمرات صحفية يعقدها المتحدث الرسمى فورًا عندما يستدعى الأمر ذلك حتى ولو اقتضى الأمر عقد أكثر من مؤتمر صحفى يوميًا.

خامساً: اختيار «شخصية» المتحدث الرسمى بدقة وعناية ممن تتوافر فيهم صفات تؤهلهم للقدرة على الرد المقنع على أية أسئلة «مباغتة» قد يوجهها حضور المؤتمر الصحفى، وأن تسعفه ثقافته ولباقته فى تقديم الردود المقنعة والمنطقية، بعيدًا عن المناورة والمراوغة والعبارات الإنشائية.

يبقى أن أذكر هنا أن أية محاولات لحجب الحقائق أو تقديم المعلومات المغلوطة لم تعد مجدية فى هذا العصر الذى تتدفق فيه السماوات المفتوحة المعلومات الحقيقية من مئات الفضائيات فضلًا عن مواقع التواصل الاجتماعى بكل تنويعاتها.

هذا عصر لم يعد أحد يستطيع أن يحجب معلومة أو خبرًا، فعصر الفضاء المفتوح أزال كل الأسوار وأتاح لكل مواطن فى كل بقاع الأرض الفرصة ليتعرف على الحقائق بلمسة أصبع على أحد أزرار هاتف محمول، وآمل ألا يختبئ البعض وراء مقولة إن المعارضة تتسقط الأخبار السيئة وتخترع أكاذيب، فهذا كله أمر طبيعى، ولا يجهض هجمات المعارضة بأكاذيبها ومغالطاتها واصطيادها للأخطاء لا يجهض هذا كله إلا بذكر «الحقائق» المؤيد بالوثائق والحجة المنطقية والمقترنة بإجراءات عقابية لكل من تعمد الخطأ ولكل فاسد وفاشل.