رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على مدار الأيام السبع الماضية واجهت مصر رياح سموم إسرائيلية عززت من الحالة الضبابية بشأن الكثير من المواقف وأثارت حالة من الجدل بشأن طبيعة ما يمكن أن تؤول إليه عملية السلام أو مساعي إنهاء النزاع الفلسطيني مع إسرائيل. ورياح السموم كما يعرفها البعض تعتبر من أشهر أنواع الرياح الموسمية في العالم، وهي من أكثرها ضرراً وأذى، وتثير كمَّاً كبيراً من الرمال والأتربة، تتعذر معها الرؤية في كثيرٍ من المناطق التي تهب عليها.

بدأت هذه الرياح بالتصريح الذي أدلى به الوزير الإسرائيلي "أيوب قرا" الثلاثاء الماضي والذي يشغل كذلك عضوية الكنيست عن حزب الليكود في تغريدة كتبها على تويتر زعم فيها أن رئيس الوزراء نتانياهو سيبحث مع ترامب خلال زيارته للولايات المتحدة الأربعاء الماضي إقامة دولة فلسطينية على جزء من سيناء يقدر بنحو 1600 كيلو متر بناء على إقتراح الرئيس السيسي.

رغم غرابة المضمون واستحالته، بغض النظر عن التيقن من صحة صدوره عن الوزير الإسرائيلي، إلا أن الملحوظة الأساسية ترد على المصادر التي تناولته فحينما تابعت الخبر على أكثر من مصدر وجدت أن المصادر التي أشارت إليه وهللت له كانت هي تلك التي تتخذ موقفا مناوئا للنظام الحالي وعلى رأسهم الجزيرة، وقد ساقت هذه المواقع الخبر ونبرة الشماتة تسود عناوينها وصياغتها لمضمون الخبر. كان السياق يوحي بأن التهمة التي توجهونها لمرسي ردت عليكم وأنه ليس هو الذي يفرط في الأرض وإنما أنتم. رغم أن المنطق يقتضي التعامل مع مثل هذه الأخبار تحديدا بمنطق "إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا". 

تمنيت وقتها أن يصدر رد رسمي من مصر ينفي مثل هذه المزاعم، غير أنه لم يصدر سوى رد على إستحياء للخارجية المصرية ينفي ما ورد في هذه التصريحات، مؤكدا أنها مجرد شائعات، غير أن الرد القاطع جاء على لسان نتانياهو الذي أكد أن "هذه الفكرة لم تطرح ولم تبحث بأي شكل من الأشكال ولا أساس لها".

لم تكد هذه الموجة من الرياح تمر بسلام بعد كشف زيفها، حتى ساهم تقرير نشرته صحيفة هآرتس في إثارة موجة جديدة من رياح السموم عززها نتانياهو هذه المرة في اليوم ذاته ما يشير إلى أنه تسريب يبدو متعمدا لإحراج النظام المصري، وحسنا فعلت رئاسة الجمهورية بإصدارها بيانا يوضح جانب من حقيقة الأمر رغم بعض الملاحظات التي يتمثل أقلها في أنه بدا خجولا ويقترب من الأشياء بمنطق بالغ الحساسية.

خلاصة أو دلالة ما أثارته هذه الموجة من الرياح تتمثل في رأيي في شيئين: أولهما أن مصر لا تستطيع ولن تستطيع أن تسلخ نفسها من أي ترتيبات مستقبلية تتعلق بصياغة الاوضاع على مستوى النزاع العربي الإسرائيلي أو الفلسطيني الإسرائيلي، غير أن هذا الإنغماس يجب أن يتم بأقصى درجات الحذر مع عدو يتلاعب بكل شئ، وأن يتخلى هذا الإنغماس عما قد يبدو للشخص العادي مثالية مفرطة لن تنفع بل قد تضر.  ثانيها أننا يجب ألا نعلق أية أوهام بشأن نوايا إسرائيل للسلام وهو ما يقتضي الحرص على عدم التطوع بمواقف دون ثمن مثل لقاء العقبة المشار إليه، والذي يبدو أن نتانياهو كان حريصا على أن يوجهه في صالح موقف بلاده وهو ما أدى إلى إفشال القمة إذا صح التعبير.

ورغم أن النوايا المصرية تبدو خالصة وهو ما يعبر عنه المبادرة التي طرحها الرئيس السيسي بعد ذلك ويمكن القول بأنها من وحي هذه القمة، إلا أن تفاصيل لقاء العقبة وما دار فيه والمواقف التي اعلن عنها نتانياهو خلال لقاءه الرئيس الأمريكي ترامب تشير إلى أن التعامل مع قضية السلام يتطلب إقترابا آخرا نعتقد أن الدبلوماسية المصرية كانت بتحركاتها المشار إليها أبعد ما تكون عنه! 

[email protected]!yahoo.com