رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حينما تتأمل أحوالنا والطريق الذي نسير فيه فإن التساؤل المنطقي الذي يفرض نفسه عليك وعلينا هو: ما هذا التخبط الذي يحيد بنا عن جادة الصواب؟.. ففي الوقت الذي تؤكد فيه الدولة بكل أجهزتها سعيها الحثيث من أجل تحقيق نهضة شاملة، يتم تغافل مبدأ من أهم مبادئ تحقيق هذه التنمية ألا وهو ربط سوق التعليم بالعمل، وإذا كانت المعادلة في مختلف تخصصات التعليم وعلاقتها بسوق العمل مقلوبة، فإنني سأتحدث هنا عن المجال الذي لي صلة به وهو الإعلام. فأنا لا أكاد أقابل طالباً متخرجاً حديثاً إلا وأعلم أنه خريج إعلام أو صحافة بغض النظر عن ماهية هذا الإعلام أو الصحافة.. كلية متخصصة كانت أم قسماً في كلية أم ما يسمى بأكاديمية أم معهد «تحت بير السلم»!

عندما حاولت تحديد عدد كليات الإعلام في مصر وجدت أنها حوالي  12 كلية للإعلام بالجامعات الخاصة وأخرى بجامعة الأزهر فضلاً عن حكوميتين اثنتين في بني سويف وجنوب الوادي بالإضافة إلى الكلية الأم.. إعلام القاهرة، ليس ذلك فقط بل إن أي جامعة جديدة تقام تحرص على أن يكون بها كلية إعلام، لأن المهمة سهلة وميسورة والعائد كبير، وقد نفاجأ في وقت ما بأن عدد المؤسسات التعليمية لتدريس الإعلام في مصر.. أكثر من الهم على القلب، إن لم تكن كذلك بالفعل! بعد أن أصبح عدد خريجي الإعلام مثل «الأرز».

ليس لدى رقم دقيق بشأن عدد الخريجين سنوياً ولكن اجتهاداً يمكن القول انه يتجاوز 5 آلاف خريج، السؤال: هل مصر في حاجة إلى كل هذا الكم من خبراء الإعلام المستقبليين؟ ليس السؤال مصادرة لطموح أبنائنا ممن يطمحون إلى خوض غمار مهنة البحث عن المتاعب سواء في الصحافة أم الفضائيات، وإنما هي محاولة لنظرة أشمل على مستوى قومي، حيث إن البطالة أو في أفضل الأحوال العمل في تخصص أو مهنة أخرى هو ما ينتظر هؤلاء الخريجين.. أعرف طالباً كان بالغ التميز في دراسته انتهى به الحال للعمل موظفاً في مركز شباب.. وهذا نموذج يمكنك أن تعتبره جيداً بالمقارنة بنماذج أخرى بالغة السلبية عديدة.

من بين مظاهر المشكلة أن كل العاملين في الإعلام ليسوا بالضرورة من خريجي الإعلام، وهذا أمر قد يكون مستساغاً باعتبار أن الإعلام في الجانب الأكبر منه موهبة قبل أن يكون دراسة أكاديمية، لكن هذا الأمر في النهاية يؤدي إلى مزاحمة خريجي التجارة والزراعة بل والطب أحياناً لدارسي الإعلام!

مظهر ثان من مظاهر المشكلة وأنا هنا أنقل عن دارس وممارس مخضرم للإعلام أن هذا الحقل الدراسي لا يحتاج كل هذه السنوات بدليل أن هاوياً يتلقى تدريباً في مركز متخصص لمدة أسبوع أو حتى شهر يجد فرصة تكاد تكون موازية لتلك التي يلقاها من درس سنوات أربع!

مظهر ثالث للأزمة، إن صح أن نصفها كذلك، أن الغالبية الأكبر من هؤلاء الدارسين للإعلام يكونون في أغلب الأحوال من صفوة الطلبة الذين تفوقوا في دراستهم الثانوية ولا يلقون سوى اليأس والإحباط بعد التخرج، وأنا هنا لا أغفل حالات فردية أو استثنائية نجحت ولكني أتحدث عن التيار العام.. فمثلاً دفعتي إعلام 1985 و1986 تدحض ما أذهب إليه، حيث غزت العمل الإعلامي وأصبح معظم خريجيها نجوماً ولكن هذا الأمر له ظروفه!

المظهر الأخير لمشكلتنا، وهو الأهم من وجهة نظري وسبب هذا الحديث، أن سوق الإعلام في مصر، بل والعالم في ظل قفزات العولمة والثورة التكنولوجية في تراجع.. الصحافة الورقية تنهار وقد يكون جيلنا هو آخر جيل له عهد بهذا النوع من الصحافة، والصحافة الإلكترونية هي الأخرى في تراجع في ظل ازدهار إعلام «السوشيال ميديا» والذي يمكن اعتباره نوعاً جديداً من «صحافة المواطن».. والفضائيات في انحسار لأسباب بعضها عام وآخر خاص لا مجال للتفصيل فيه.. فألا يستحق الأمر إغلاق صنبور مياه كليات الإعلام؟ أعتقد يستحق ما هو أكثر.. إعادة النظر لإغلاق بعض ما هو قائم!

[email protected]