رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بريق الأمل

إن الأديان تدعو إلى الوسطية واليُسر ورفع الحرج، ونبذ الغلو والتطرف والإرهاب، والتفكير وكل ما خرج عن التوسط واليسر فليس من الأديان فى شىء بل هو مناقض لحقيقة الأديان وخارج عن منهجها الحكيم، فالأمة المؤمنة تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتجانب الغلو، وتأتى أهمية الحديث عن الوسطية الآن لأننا نواجه مشكلات الحضارة وتحديات العصر فى معركة البقاء، ولا نواجه ذلك كله ونحن على منهج واحد بل هناك اتجاهات نشأت بعيداً عن المنهج الوسطى الذى ارتضاه الله لنا، فكل انحراف عن هذا المنهج الوسطى يولد الفرقة والتناحر والتشتت وتصبح الأمة فريسة سائغة للأعداء والخصوم وبحسبنا أن نسأل أنفسنا كيف سقطت القدس؟، وكيف سقطت بغداد؟ وكيف زرعت الفتن فى أرضنا؟ وكيف أصبح حالنا الآن فى معظم البلدان مؤسفاً ومؤلماً، بل ومأساوياً؟ ومن أشعل بلادنا حريقاً تسفك فيها الدماء ليل نهار؟ ومن الذى جعلهم فى أسفل درجات السلم الحضاري؟ سيقولون الأعداء والمؤامرة، ولكن ماذا يصنع الأعداء كلهم لو كنا فى تماسك واتحاد؟ فماذا تفعل جرثومة المرض إذا كانت مناعة الجسم قوية؟ إن الخصم لن يسعى إلا لمصالحه، حتى لو كان ذلك فيه هلاكنا، لن يدخر وسعاً فى ذلك، وهو ما يصنع الآن بنا وبأوطاننا، من تفكيك وتهجير ودمار وخراب، والذى يعيد الأمة الوسط - بحق - هو عودة الأمة إلى هدى ربها، هذا الهدى الذى يتمثل فى تخلى الأمة عن سلبياتها المتراكمة التى صارت أخطر علينا من أعدائنا، وأن تسعى لتؤدى دورها، وهذا لا يتحقق في واقع الأمة إلا بثلاثة قرارات مهمة: قرار علمى يحدد ماذا ينبغى أن نفعل؟ وكيف نفعل؟، وقرار سياسى سيادى يُمكِّن للقرار العلمى، وقرار اقتصادى يضع كل القرارات العلمية والسياسية فى موقع إمكانية التنفيذ والتفعيل، ويواكب ذلك أن نتخلى عن قيم الهدم والأخلاق السلبية، ونتحلى بقيم الحضارة والإيمان فإن العظمة لا تأتى من فراغ فإما أن ترفع كل جماعة وكل فرقة راية الخلاف والتعصب وتبادل الاتهامات، ويتحول اختلافنا إلى تنازع وصراع، وعداء فهذا أمر ينذر بكارثة أخطر مما نحن فيه، والإنسان العاقل لا يستطيع أن يقف محايداً إزاء هذا الواقع المر التعيس لأحوالنا ولا يستطيع أن تتجاهل مسئوليته تجاه نفسه، وتجاه وطنه وأمته، فإن عظمة العالم الحق والمثقف الرشيد إذا ما شاع الفساد وعم البلاد ألا يذوب فى تيار الفساد، وإنما يقف موقف المعالج المرشد الناصع لأمته «فالدين النصيحة» وخاصة أن الأديان اليوم باتت تواجه تحديات كبيرة وهجمات شرسة على مبادئها. وختاماً إننا بحاجة إلى الوعى بسنة الاختلاف الإيجابى، كى نجنى ثمار الأفكار المتعددة والعقول المتآزرة، فلا أحد بعد الأنبياء - عليهم السلام - يملك الحقيقة المطلقة، والحقيقة تحتاج إلى بحث متعمق وأرواح مخلصة تفتش عنها فى كل شىء، وفقدان هذا الوعى يجعلنا نسخاً متشابهة خالية من الروح، قوالب متماثلة ميتة تعيد نسخ ذاتها فى صور ممسوخة، وكلما تقادم الزمان عليها صارت باهتة غائمة لا هوية لها ولا معنى.