رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بعد سلسلة من التغيّرات العالمية السريعة، والخارجة عن نطاق التوقعات، وعلى رأسها أنّ الدُّول تقع بين فكى العَولَمة وسيطرة الشبكات والشـركات متعدّدة الجنسيّات التى تتعدى سـيادة الدول، بقواها الاسـتثنائيّة الغامضة والمُلتبسة يحاول الجميع الإجابة عن سؤال مصيرى وهو: من يسيطر علينا، ويتحكم فى مقدرات الشعوب خلال الفترة القادمة؟

ومن هنا تكمن أهمية كتاب «مَن يحكم العالَم؟» للباحثين الفرنسيّين الأستاذين فى معهـد الدراسات السياسيّة فى باريس، برتران بادى ودومينيك فيدال، وهناك ترجمة منه بالعربية للكاتب نصير مروّة، الذى يفسر كل هذا، راصداً معالِم النّظام الدّولى ومتغيـّراته من خلال خمسة بنود أولها السيطرة عبر الرقابة الاجتماعيّة والتحكّم الاجتماعى، والنّظام الأبوى البطريركى، وتقسيم العمل بين الجنسَين.. والثانى المقدَّس الدينىّ المشكل للأعراف والتقاليد، والثالث، الدولة المحتكرة للسلطة السياسيّة. والرابع، الاقتصاد، المسيطر بقوة استثنائية منـذ بروز الرأسماليّة التجاريّة. والعامل الخامس العَولَمة وهى الامتداد الطبيعى للرأسماليّة مستخدمة متغيّرات غير مسـبوقة للسـلطة عـبر ثورة الاتّصالات، وهى الشكل الجديد والهام للغلبة والسّـيطرة.

ومن خلال هذا الكتاب الذى يعد إشرافاً أكاديمياً على عدة دراسات هامة، نفَهم كيف يُحكَم هذا العالَم بأشكال السيطرة والغلبة والتمييز، ومنها دراسة عن أشكال السيطرة الذكوريّة، فى بحث للفرنسيّة جول فالكيه بعنوان «عالَم يُسـيطِر عليه الرجال: إلى متى؟». أما أُستاذا عِلم الاجتماع برونو كوزان وسـيباستيان شوفان فكان لهما بحث هام بعنوان «الدوائر الكبرى، والتأهيل الاجتماعى للنُّخب العالميّة»، عن الدوائر التى لا تزال السلطة الغربيّة تسيطر بها على العالَم، من خلال هَيْكَلة مَيادين أو حقول السلطة الغربيّة بشكلها «العصرىّ»، وانتشار هذه السلطة على الصعيد العالَمى، والطرق التى يتمّ بها إلى اليوم تكوين علاقات وروابط سلطويّة عابرة للأوطان والقوميّات. لذلك لم تَعُد أماكن للتنسيق السياسى، ولا لاتخـاذ قرارات اقتصادية كبرى، مع استمرارها فى تداول المعلومات، لاعبة دوراً فى التراكم الابتدائى وفى توريث رأسمالها الاجتماعى، إلى جانب أهمّيتها للأفراد الذين ليست لديهم علاقات اجتماعيّة مهمّة.

وهناك بحث بعنوان «المافيات، كممثّلات للحَوْكَمَة»، قدم فيه الباحث فنشينزو روجيرو الكيفيّة التى تنجح بها المافيات فى التأثير على الحكومات، عبر تفحص السـمات التى تسيطر بها الجريمـة المُنظَّمة أو تظهر عبرها، مقدماً أمثلة لدول مثل روسيا، وكولومبيا، والمكسيك.. ويُظهِر فنشينزو روجيّرو كيف باتت الجريمة المُنظَّمة نشاطاً متعدّد الوجوه كإنتاج الكوكايين وتَصديره، طباعة العملات المزوَّرة من فئتَىْ الدولار واليورو، تزوير جوازات سفر، القيام بعمليّات اختطاف، تجنيد قَتَلة، تنظيم الدعارة على مستوى واسع.

ويجىء بحث إيفـان دو روىّ «عنـدمـا تسـتولى الشـــركات المتعدّدة الجنســـيّات على السلطة»، ليظهر الضخامة الاقتصاديّة الهائلة لهذه الشركات التى تتحدّى اقتصادات الدُّول القوميّة وتُنافِسها. مثل شركات المال والصناعة النفطيّة والسيّارات والطّاقة.. وبذلك نجد أن «أوضاع العالَم 2017» على أنمـاطه المختلفة تجول بين سياسة أمريكا الخارجيّة، ودَورها القوى فى تسـوية مشكلات الشرق، وروســيا الباحثة عن عظمتها المفقودة، ونفوذ إيران وتركيا قى العالَم العربى، وموقع الصّين ما بين السـلطة الإقليميّة والجبروت العالميّ مع عدم إهمال أهمية الصراعات السياسيّة والجيوبوليتيكيّة فى العالم والتى ربما تشير إلى أننا نقترب بقوة من فوهة بركان قارب على الانفجار، بكل ما فيه من هذا التنافض، والرغبات المحمومة من السيطرة على العالم، بقوانين غاية فى الأنانية والوصولية من قبل مؤسسات وشبكات دولية ظاهرها غير ما تخفيه من وجهها القبيح.