رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى عصر الانحدار والانفلات الأخلاقى الذى ساد المجتمع تردت أحوال الثقافة فى مصر، وتخلت الدولة عن دور كان فى طليعة أدوارها، وأطفئت أضواء المسرح، وعمَّ الظلام مسارح مصر.. ووسط ظلمات المسرح، جازف جلال الشرقاوى، وخاض مغامرة من مغامراته «المحسوبة»، وقرر أن يُبدد الظلمات ويعيد للمسرح أضواءه، بعد أن اعتاد المجتمع على هذا الظلام، وأوشك أن ينسى المسرح ورسالته.

ودعانى المخرج الكبير جلال الشرقاوى لمشاهدة العرض الأول لمسرحيته الجديدة «عازب فى شهر العسل» التى أراد بها أن يحيى ليالى المسرح من جديد. ولمست عن قرب مقدرة هذا الرجل على خوض الصعاب، وحبه للمغامرة، بعد أن أقدم على تقديم هذا العمل بشباب فى مقتبل أعمارهم الفنية، لم تطأ أقدامهم خشبة المسرح من قبل، استعان «الشرقاوى» بشباب صغار من خريجى معهد الفنون المسرحية، وأقام المسرح بكلية الآداب، وقدمهم للجمهور دون سابق معرفة، فى عمل عكس صوراً لمشاكلنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فتناول قضايا الانفلات الإعلامى، والتحرش، وحرية الصحافة، وتعويم الجنيه.. ووضع حلاً لهذه المشكلات وحددها فى ضرورة التصالح مع الذات أولاً، والاعتراف بهذه الأخطاء المجتمعية، ومواجهة الفساد، والثبات وعدم الهروب من مواجهة هذه المشكلات للعودة للزمن الجميل.. أبطال العمل الجيد الذى شاهدته فى عرضه الأول أكد قدرة «الشرقاوى» على المخاطرة والتحدى، وقدرة من استعان بهم من الشباب على إثبات الذات والنجاح فى سنة أولى مسرح، من خلال العمل الساخر الذى ألفه صلاح متولى وينقله للجمهور 19 شاباً لا نعرف اسم أى واحد منهم إلا الممثلة «انتصار» فقط لا غير.

ولأن العمل ظهر جيداً فكان لابد أن أوجه التحية لصاحبه، فذهبت إلى مكتبه فى مسرح الفن وكان لقاء أدهشنى فيه بثقافته وفكره. وأحزننى عندما كشف عن وضع المسرح المصرى وحاله المتردى، وتوقف الدولة عن دعمه، حتى إن المسرح القومى ومسارح الدولة عموماً قد توقفت تماماً عن تقديم الأعمال المسرحية الفنية، حتى إنه قد طلب تقديم مسرحية «هولاكو» للشاعر فاروق جويدة على المسرح القومى منذ سنتين، غير أن طلبه لم يلق اهتماماً من رئيس المسرح، حتى إن فاروق جويدة قد التقى وزير الثقافة حلمى النمنم مرتين وشكا له من عدم الاهتمام، لكن لا حياة لمن تنادى. وظل النص حبيس الأدراج والفكرة مكبوتة فى عقل «الشرقاوى». وأدهشنى أن المسرح القومى الذى عجز عن تقديم مسرحية «هولاكو» يعمل به بمرتبات شهرية 114 ممثلاً، لا يقدمون على الخشبة أى عمل.

ورغم أهمية «هولاكو» كعمل مسرحى يسلط الضوء على حقبة زمنية سيطر فيها التتار على الشرق العربى، إلا أنه يعكس واقعاً للعرب يعيشون فيه أسوأ حالاتهم الآن.

وتعمد المسرح القومى عدم عرض مسرحية «هولاكو» يجعلهم تماماً كالتتار الذين ألقوا بمكتبة بغداد فى نهر دجلة حتى صار ماؤه أسود من حبر الكتب، هم تماماً كالتتار عندما أطفأوا للمسرح أضواءه.